الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } * { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } * { وَٱلْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ } * { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلآئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } * { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } * { فَسَجَدَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } * { إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ } * { قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ } * { قَالَ لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } * { قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } * { وَإِنَّ عَلَيْكَ ٱللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ } * { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } * { قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ }

وقوله { وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ } يعني: يجمعهم يوم القيامة { إِنَّهُ حَكِيمٌ } حكم بحشر الأولين والآخرين { عَلِيمٌ } بهم قوله: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ } أي: آدم { مِن صَلْصَـٰلٍ } أي: من طين يتصلصل إذا مشيت عليه يتقلقل وإذا تركته ينغلق { مّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } أي: من طين أَسود منتن. وقال الأخفش أي: من طين مصبوب، ويقال مسنون أي: متغير الرائحة كقوله:لَمْ يَتَسَنَّهْ } [البقرة: 259] ويقال: الذي أتت عليه السنون. وقال القتبي: الصلصال الطين اليابس الذي لم تصبه نار، إذا ضربته صوت وإذا مسته النار فهو فخار، والمسنون المتغير الرائحة. والحمأ جمع حمئة وهو الطين المتغير { وَٱلْجَآنَّ خَلَقْنَـٰهُ مِن قَبْلُ } يعني: إبليس ويقال: الجان أبو الجن خلقناه من قبل آدم { مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ } قال ابن عباس: هي نار لا دخان لها تكون بين السماء وبين الحجاب. وقال آخرون من نار السموم أي من نار حارة.

قال الكسائي الجن والجنة من أصل واحد { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ } يعني وقد قال ربك للملائكة الذين هم في الأرض مع إبليس سكان الأرض { إِنّى خَـٰلِقٌ بَشَرًا } أي: سأخلق خلقاً { مِن صَلْصَـٰلٍ مّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ } أي جمعت خلقه { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى } أي: جعلت الروح فيه { فَقَعُواْ لَهُ سَـٰجِدِينَ } أي فخروا له. أي فاسجدوا بأجمعكم { فَسَجَدَ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } يعني: سجدة التحية لا سجدة العبادة، وكانت التحية لآدم عليه السلام والعبادة لله تعالى { كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } روي عن الخليل بن أحمد أنه قال " أجمعون " على معنى توكيد بعد توكيد، وذكر عن محمد بن يزيد عن المبرد أنه قال: معناه سجدوا كلهم في حالة واحدة وقال الزجاج الأول أجود لأن أجمعين معرفة فلا يكون حالاً ثم قال { إِلاَّ إِبْلِيسَ } قال بعضهم معناه لكن إبليس لم يكن من الساجدين. لأن إبليس لم يكن من الملائكة. فيكون الاستثناء من غير جنس ما تقدم بدليل قوله:إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ } [الكهف: 50]. وقال بعضهم استثنى إبليس من الملائكة وكان من جنسهم إلا أنه لما لم يسجد لعن وغير عن صورة الملائكة (ولا يكون الاستثناء من غير جنس) فذلك قوله { إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ ٱلسَّـٰجِدِينَ } أي: تعظم عن السجود لآدم مع الملائكة { قَالَ يَـا إِبْلِيسُ مَالَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ ٱلسَّـٰجِدِينَ } أي: مع الملائكة { قَالَ } أي إبليس { لَمْ أَكُن لأِسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَـٰلٍ مّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا } أي: من الأرض ويقال من الجنة { فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } أي: ملعون مطرود فألحقه بجزائر البحور { وَإِنَّ عَلَيْكَ ٱللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدّينِ } أي: طرد من رحمته يوم الحساب. قوله: { قَالَ رَبّ فَأَنظِرْنِى } أي: أجلني { إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } من قبورهم { قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ } أي: من المؤجلين { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } أي: إلى النفخة الأولى { قَالَ رَبّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِى } يعني كما أضللتني عن الهدى لأجل آدم.

السابقالتالي
2