الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ } * { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } * { ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ }

{ وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ } قال الكلبي: يعني إن تعجب من تكذيب أهل مكة لك وكفرهم بالله فعجب قولهم. يقول: أعجب من ذلك قولهم { أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً }. وقال مقاتل: وإن تعجب مما أوحينا إليك من القرآن تعجب قولهم أئذا كنا تراباً { أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } إكذاباً منهم بالبعث قرأ الكسائي " أَإذَا " بهمزتين (على وجه الاستفهام " إنَّا لَفِى خَلْقٍ " بهمزة واحدة. وقرأ عاصم وحمزة كليهما بهمزتين). وقرأ أبو عمرو " آيِذَا " بهمزة واحدة مع المد وكذلك في قوله " آيِنَّا " بالمد. وقرأ ابن كثير " أَيِذَا " بالياء، وكذلك " أَيِنَّا " وقرأ ابن عامر " إِيِذا كُنَّا " بهمزة واحدة بغير استفهام " آيِنَّا " بالهمزة والمد. قال لأنهم لم يشكوا في الموت وإنما شكوا في البعث فينبغي أن يكون الاستفهام في الثاني دون الأول. ثم قال تعالى { أُوْلَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ } يعني جحدوا بوحدانية الله تعالى { وَأُوْلَئِكَ ٱلأَغْلاَلُ فِى أَعْنَـٰقِهِمْ } يعني تغل أيمانهم على أعناقهم بالحديد في النار { وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } أي دائمون فيها ولا يخرجون منها. قوله تعالى: { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ } قال ابن عباس: سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتيهم العذاب استهزاء منهم بذلك فنزل { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ } يعني: بالعذاب قبل العافية { وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلَـٰتُ } يعني: العقوبات والنقمات قبل قريش فيمن هلك. وأصل المثلة الشبه وما يعتبر به وجمعه المثلات { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ } يقول: تجاوز { لّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ } يعني: على شركهم إن تابوا. ويقال: بتأخير العذاب عنهم { وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } لمن مات منهم على شركه. قوله تعالى: { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مّن رَّبِّهِ } يعني هلا أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - علامة من ربه لنبوته. قال الله تعالى { إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ } يعني: مخوف ومبلغ لهذه الأمة الرسالة { وَلِكُلّ قَوْمٍ هَادٍ } قال الكلبي: داع يدعوهم إلى الضلالة أو إلى الحق. وقال الضحاك يعني: إنما أنت منذر وأنا الهادي. وقال سعيد بن جبير: الهادي هو الله. وقال عكرمة: محمد - صلى الله عليه وسلم - هو نذير وهو الهادي يعني يدعوهم إلى الهدى ولكل قوم هاد. وقال مجاهد يعني: لكل قوم نبي. قرأ ابن كثير " هَادِي " بالياء عند الوقف وكذلك قولهمَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِىٍّ وَلاَ وَاقٍ } [الرعد: 37]. وقرأ الباقون بغير ياء. قوله تعالى: { ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ } ذكراً أو أُنثى ويعلم ما في الأرحام سوياً أو غير سوي ثم قال { وَمَا تَغِيضُ ٱلأرْحَامُ } (يعني ما تنقص) الأرحام من تسعة أشهر في الحمل { وَمَا تَزْدَادُ } يعني: على التسعة أشهر في ذلك الحمل { وَكُلُّ شَىْء عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } قال قتادة: رزقهم وأجلهم.

السابقالتالي
2