قوله تعالى: { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ } قال بعضهم: المثل هنا أراد به الصفة ولم يرد به التشبيه لأنه قد ذكر من قبل حديث الجنة وهو قوله تعالى:{ لِلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ ٱلْحُسْنَىٰ } [الرعد: 18] وقال بعد ذلك:{ جَنَّـٰتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا } [الرعد: 23]. ثم بين ها هنا صفة الجنة فقال (مثل الجنة) يعني: صفة الجنة التي وعد المتقون الذين يتقون الشرك والفواحش روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يقرأ " أمثال الجنة التي وعد المتقون " يعني صفاتها وأحاديثها { تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأنْهَـٰرُ أُكُلُهَا دَائِمٌ } يعني: نعيمها لا ينقطع عنهم أبداً { وِظِلُّهَا } يقول: وهكذا ظلها دائم أبداً ليس فيها شمس. وقال بعضهم: أراد به التشبيه لأن الله عرفنا أمور نعيم الجنة التي لم نرها ولم نشاهدها بما شاهدنا من أمور الدنيا. ومعناه مثل الجنة التي وعد المتقون جنة تجري من تحتها الأنهار ثم قال: { تِلْكَ عُقْبَىٰ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } يعني تلك الجنة جزاء الذين اتقوا الشرك والفواحش { وَّعُقْبَى ٱلْكَـٰفِرِينَ ٱلنَّارُ } يعني: مصيرهم وجزاؤهم النار. ثم قال تعالى: { وَٱلَّذِينَ ءاتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ } أي التوراة { يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ } وهم مؤمنو أهل الكتاب يعجبون بذكر الرحمن { وَمِنَ ٱلأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ } يعني أهل مكة ينكرون ذكر الرحمن ويقولون ما نعرف الرحمن إلا صاحب اليمامة. يعنون مسيلمة الكذاب. ويقال: ومن الأحزاب من ينكر بعضه يعني: مِن أهل الكتاب من ينكر ما كان فيه نسخ شرائعهم { قُلْ } يا محمد { إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ } يعني: أمرت أن أقيم على التوحيد { وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ } شيئاً ثم قال: { إِلَيِْهِ أَدْعُوا } يقول أدعو الخلق إلى توحيده { وَإِلَيْهِ مَآبِ } يعني المرجع في الآخرة ثم قال { وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَـٰهُ } يعني: القرآن { حُكْمًا } يعني: القرآن حكماً على الكتب كلها ويقال محكماً { عَرَبِيّاً } يعني القرآن بلغة العرب { وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم } قال الكلبي يعني: لئن صليت إلى قبلتهم يعني: نحو بيت المقدس { بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } يعني من بعد ما أَتاك العلم بأن قبلتك نحو الكعبة. ويقال ولئن اتبعت أهواءهم. يعني أهل مكة. فيما يدعونك إلى دين آبائك بعد ما ظهر لك أن الإسلام هو الحق { مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ } يعني من عذابه { مِن وَلِىٍّ } ينفعك { وَلاَ وَاقٍ } يقيك من عذاب الله. الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - والمُراد به أصحابه.