قوله تعالى: { وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىء بِرُسُلٍ مّن قَبْلِكَ } كما استهزأ بك قومك. { فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني: أمهلتهم بعد الاستهزاء ولم أعاقبهم { ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ } بالعذاب عند المعصية بالتكذيب فأهلكتهم { فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } يعني: فكيف رأيت إنكاري وتعبيري عليهم بالعذاب. لم ير النبي - صلى الله عليه وسلم - عقوبتهم إلا أنه علم بحقيقته فكان رأي عيانٍ. قوله تعالى: { أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰ كُلّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } يقول هو الله القائم على كل نفس برة وفاجرة بالرزق لهم والدفع عنهم. وجوابه مضمر يعني كمن هو ليس بقائم على ذرة. وهذا كقوله{ أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ } [النحل: 17] ثم قال: { وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاءَ } يعني: قالوا ووصفوا لله شريكاً. وقال مقاتل؛ وجعلوا لله شركاء. يقول أنا القائم على كل نفس بأرزاقهم وأطعمتهم كالذين يصفون أن لي شريكاً. معناه لا تكون عبادة الله بعبادة غيره. { قُلْ سَمُّوهُمْ } يعني قل يا محمد سموا هؤلاء الشركاء. يعني سموا دلائلهم وبراهينهم وحججهم. ويقال سموا منفعتهم وقدرتهم. ثم قال: { أَمْ تُنَبّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِى ٱلأَرْضِ } يعني: تخبرونه بما علم أنه لا يكون. ويقال: معناه: أتشركون معه جاهلاً لا يعلم ما في الأرض ويقال معناه: أتخبرون الله بشيء لا يعلم من آلهتكم. يعني يعلم الله أنه ليس لها في الأرض قدرة { أَم بِظَـٰهِرٍ مّنَ ٱلْقَوْلِ } يعني: أتقولون قولاً بلا برهان ولا حجة. ويقال: بباطل من القول. يعني إن قلتم إن لها قدرة لقلتم باطلاً. وقال قتادة: الظاهر من القول الباطل. وكذلك قال مجاهد. ثم قال { بَلْ زُيّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ } يقول: ولكن زين للذين كفروا من أهل مكة كفرهم وقولهم الشرك { وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمر " وَصَدُّواْ عَنِ السَّبِيلِ " بنصب الصاد. يعني إن الكافرين صدوا الناس عن السبيل. يعني: عن دين الله الإسلام. وقرأ الباقون " وصُدُّوا " بضم الصاد على فعل ما لم يسم فاعله مثل قوله{ زُيِّنَ لَهُ } [فاطر: 8]. ثم قال { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } يعني: من يخذل عن دينه الإسلام ولا يوفقه { فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } يعني: ما له من مرشد إلى دينه غير الله تعالى قوله تعالى: { لَّهُمْ عَذَابٌ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } يعني: لهم في الدنيا الشدائد والأمراض. ويقال: وعند الموت. ويقال: القتل على أيدي المسلمين والغلبة عليهم. { وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَقُّ } يعني: أشد { وَمَا لَهُم مّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ } يعني: ملجأ يلجأون إليه فيمنعهم من عذاب الله تعالى.