الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ } * { سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلَّيلِ وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ } * { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوْمٍ سُوۤءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } * { هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ }

ثم قال تعالى: { عَـٰلِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ } يعني: ما غاب عن العباد وما شاهدوه. ويقال: عالم بما كان وبما لم يكن. ويقال: عالم السر والعلانية { ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ } يعني: هو أكبر وأعلى من أن تكون له صاحبة وولد. قوله تعالى: { سَوَاءٌ مّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ } يعني: سواء عند الله من أسر القول { وَمَنْ جَهَرَ بِهِ } يعني: من أخفى العمل وأعلن العمل { وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلْلَّيْلِ } يعني: في ظلمة الليل { وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ } أي منصرف في حوائجه. يقال: سَرَبَ يَسْرُبُ إذا انصرف ومعناه: المختفي والظاهر عنده سواء. وقال مجاهد: المستخفي المختفي بالمعصية والسارب يعني: الظاهر بالمعاصي { لَهُ مُعَقّبَـٰتٌ } قال ابن عباس له حافظات { مّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } يعني بأمر الله حتى ينتهوا به إلى المقادير فإذا جاءت المقادير خلوا بينه وبين المقادير. المعقبات يعني الملائكة يعقب بعضهم بعضاً في الليل والنهار. إذا مضى فريق خلفه بعده فريق. وروي عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: له معقبات. قال الملائكة يتعاقبون بالليل والنهار يحفظونه من أمر الله يعني: بأمر الله. ويقال للمؤمن طاعات وصدقات يحفظونه من أمر الله أي من عذاب الله عند الموت وفي القبر وفي يوم القيامة ثم قال { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ } يعني: لا يبدل ما بقوم من النعمة التي أنعمها عليهم { حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ } يقول: يبدلوا { مَا بِأَنفُسِهِمْ } بترك الشكر. قال مقاتل: يعني كفار مكة. نظيرها في الأنفالذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ } [الأنفال: 53]، إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم وأطعمهم من جوع وآمنهم من خوف فلم يعرفوها. فغير ما بهم فجعل ذلك لأهل المدينة. قال أبو الليث رحمه الله: في الآية تنبيه لجميع الخلق ليعرفوا نعمة الله عليهم ويشكروه لكيلا تزول عنهم النعم. ثم قال تعالى: { وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ } يعني: إذا أراد بهم عذاباً أو هلاكاً فلا مرد لقضائه { وَمَا لَهُمْ مّن دُونِهِ مِن وَّالٍ } يعني: ليس لهم من عذابه ولي ولا قريب يمنعهم ولا ملجأ يلجأون إليه. قوله تعالى: { هُوَ ٱلَّذِى يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعاً } يعني: خوفاً للمسافر وطمعاً للمقيم الحاضر. ويقال: خوفاً لمن يخاف ضرر المطر وطمعاً لمن يحتاج إلى المطر. لأن المطر يكون لبعض الأشياء ضرراً ولبعضها رحمة ثم قال { وَيُنْشِيءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثّقَالَ } يعني: يخلق السحاب الثقال من الماء.