الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىۤ إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّيۤ أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } * { قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِمْ مَّاذَا تَفْقِدُونَ } * { قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ ٱلْمَلِكِ وَلِمَن جَآءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ } * { قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ } * { قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ } * { قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ } * { فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَآءِ أَخِيهِ ثُمَّ ٱسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَآءِ أَخِيهِ كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ ٱلْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ }

قوله تعالى: { وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ } يعني: إخوته { آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ } يعني ضم إليه أخاه بنيامين { قَالَ إِنّى أَنَاْ أَخُوكَ } قال بعضهم: أخبره في السر أنه أخوه. وقال بعضهم لم يخبره ولكن معناها إني لك كأخيك الهالك. فأنزلهم يوسف منزلاً وأجرى عليهم الطعام والشراب. فلما كان الليل أتاهم بالفرش. وقال لينام كل أخوين منكم على فراش واحد ففعلوا، وبقي الغلام وحده، فقال يوسف: هذا ينام معي على فراشي فبات معه يوسف يشم ريحه. ويقال لما كان عند الطعام أمر كل اثنين ليأكلا في قصعة واحدة وبقي بنيامين وحده فبكى، وقال لو كان أخي في الأحياء لأكلت معه فقال له يوسف إني أنا أخوك. يعني بمنزلة أخيك { فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } يقول لا تحزن بما يعيرون يوسف وأخاه بشيء. قوله تعالى: { فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ } يعني: كال لهم كيلهم { جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ } يعني: وضع ودس الإناء { فِى رَحْلِ أَخِيهِ } بنيامين. فخرجوا وحملوا الطعام وذهبوا فخرج يوسف على أثرهم حتى أدركهم { ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذّنٌ } يعني: نادى منادٍ بينهم. واسم المنادي أفرايم من فتيان يوسف قال: { أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } إناء الملك. فانقطعت ظهورهم وساء ظنهم. قوله تعالى: { قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِمْ } يعني: وأقبلوا إليهم { مَّاذَا تَفْقِدُونَ } يعني ماذا تطلبون { قَالُواْ } يعني: قال المنادي والغلمان: { نَفْقِدُ صُوَاعَ ٱلْمَلِكِ } قال قتادة: إناء الملك الذي يشرب فيه. وقال عكرمة: هو إناء من فضة. وقال سعيد بن جبير: هو المكوك الفارسي الذي يلتقي طرفاه. وكانت الأعاجم تشرب فيه. وروى سعيد بن حبير عن ابن عباس أنه قال: كان إناء من فضة مثل المكوك وكان للعباس واحد منها في الجاهلية. وروي عن أبي هريرة أنه قرأ صاع الملك. يعني الصاع الذي يكال به الحنطة. وقرأ بعضهم صَوْعَ الملك وقرأ يحيى بن عمرو صَوْغَ الملك بالغين. يعني إناء مصوغاً. وقراءة العامة صُوَاعَ الْمَلِكِ. يعني الإناء وهي المشربة من فضة وكان الشرب في إناء الفضة مباحاً في الشريعة الأولى. وأما في شريعتنا فالشراب في إناء الفضة حرام. ثم قال { وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ } يعني: قال المنادي من جاء بالصوع فله حمل بعير من بر { وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ } يعني: أنا كفيل بتسليمها إليه. لأن الملك يتهمني في ذلك. { قَالُواْ تَٱللَّهِ } يعني: قال إخوة يوسف والله { لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِى ٱلأَرْضِ } يعني: ما جئنا لنعمل بالمعاصي في أرض مصر ونخون أحداً { وَمَا كُنَّا سَـٰرِقِينَ }. وكان الحكم في أرض مصر للسارق الضرب والتضمين. وكان الحكم بأرض كنعان أنهم يأخذون السارق ويسترقونه ففوضوا الحكم إلى بني يعقوب ليحكموا بحكم بلادهم { قَالُواْ } يعني: المؤذن وأصحابه لأولاد يعقوب { فَمَا جَزَاؤُهُ } يعني فما جزاء السارق { إِن كُنتُمْ كَـٰذِبِينَ } { قَالُواْ } يعني إخوة يوسف { جَزَاؤُهُ } يعني: عقابه { مَن وُجِدَ فِى رَحْلِهِ } يعني في وعائه { فَهُوَ جَزَاؤُهُ } يعني الاستعباد جزاء سرقته { كَذٰلِكَ نَجْزِى ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني: هكذا نعاقب السارق في سنة آل يعقوب.

السابقالتالي
2