الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ } * { وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ ٱجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ إِذَا ٱنْقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ٱلْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } * { قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ }

قوله تعالى: { قَالُواْ سَنُرٰوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ } يعني: سنطلب من أبيه أن يبعثه معنا { وَإِنَّا لَفَـٰعِلُونَ } يعني: لصانعون (ذلك فنطلبه من أبيه ليبعثه) ويقال وإنا لضامنون ذلك { وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ } قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص " لفتيانه " بالألف والنون وقرأ الباقون " لِفِتَيَتِهِ ". فقال أهل اللغة: الفتيان والفتية بمعنى واحد. وهم الغلمان والخدم يعني: قال: يوسف لغلمانه وقومه الذين يكيلون يعني: الطعام { وَٱجْعَلُواْ بِضَـٰعَتَهُمْ فِى رِحَالِهِمْ } يعني: دسوا دراهمهم في رحالهم يعني: في جواليقهم { لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا } يعني: يعرفون كرامتي عليهم { إِذَا ٱنْقَلَبُواْ } يعني: إذا رجعوا { إِلَىٰ أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } الثانية. قال الفراء؛ فيها قولان: أحدهما: أن يوسف خاف ألا يكون عند أبيهم دراهم فجعل البضاعة في رحالهم لعلهم يرجعون ولا يتأخرون عن الرجوع بسبب الدراهم والقول الآخر أنهم إذا عرفوا بضاعتهم وقد اكتالوا الطعام ردوها عليه ولا يستحلون إمساكها لأنهم أنبياء الله تعالى لا يستحلون إمساك مال الغير { فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ قَالُواْ يأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ٱلْكَيْلُ } فيما نستقبل يعني الحنطة وأخبروه بالقصة قالوا { فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا } بنيامين { نَكْتَلْ } يعني يشتري هو ويكيلون لنا { وَإِنَّا لَهُ لَحَـٰفِظُونَ } من الضيعة حتى نرده إليك قرأ حمزة والكسائي " يَكْتَلْ " بالياء وقرأ الباقون بالنون فمن قرأ بالياء يعني هو يكتال لنفسه لأنهم كانوا لا يبيعون من كل رجل إلا وقرا واحداً. ومن قرأ بالنون فمعناه أن الملك قد أخبر أنه لا كيل لنا في المستقبل فلو أرسلته معنا فإِنا نكتال منه. فلما أخبروه بذلك { قَالَ } يعقوب - عليه السلام - { هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ } يعني: هل أئتمنكم عليه { إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ } يوسف { مِن قَبْلُ } ومعناه: هكذا قلتم لي في أمر يوسف ولا أقدر أن آخذ عليكم من العهد أكثر ما أخذت عليكم في يوسف من قبل. قرأ إبن مسعود هل تحفظونه إلا كما حفظتم أخاه يوسف من قبل. { فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَـٰفِظًا } منكم إن أرسله معكم { وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرحِمِينَ } حين أطعته. ولا بد أن أرسله. قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص " حَافِظاً " بالألف. وقرأ الباقون " حِفْظاً " بغير ألف. والحافظ الإسم والحفظ المصدر.