الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَٱدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ } * { يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّيۤ أَرْجِعُ إِلَى ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ } * { قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ } * { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ } * { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } * { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَآءَهُ ٱلرَّسُولُ قَالَ ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ }

قوله تعالى: { وَقَالَ ٱلَّذِى نَجَا مِنْهُمَا } وهو الساقي { وَٱدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ } يعني تذكر بعد حين. يعني بعد سبع سنين. وقال الزجاج أصل ادكر اذكر. ولكن التاء أبدلت بالدال وأدغم الذال في الدال. وقال القتبي: الأمة الصنف من الناس والجماعة كقوله تعالىإِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَـٰلُكُمْ } [الأنعام: 38] ثم تستعمل الأمة في الأشياء المختلفة. يقال للإمام أمة كقولهإِنَّ إِبْرَٰهِيمَ كَانَ أُمَّةً } [النحل: 120] لأنه سبب للاجتماع ويسمى الدين أمة كقولهإِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ } [الزخرف: 22] أي على دين. لأن القوم يجتمعون على دين واحد فيقام ذلك اللفظ مقامه. ويسمى الحين أمة كقوله { وَٱدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ }. وكقولهإِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ } [هود: 8] وإنما سمى الحين أمة أيضاً لأن الأمة من الناس ينقرضون في حين. فيقام الأمة مقام الحين. وقرأ بعضهم: (وادّكَرَ بعد أَمَةٍ) يعني بَعْدَ بعُدِ نسيانٍ يقال (أمَهْتُ أي نسيت) وقال الفراء: يقال رجل مأموه كأنه ليس معه عقل. فلما تذكر الساقي حال يوسف جاء وجثا بين يدي الملك وقال { أَنَاْ أُنَبّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ } يعني بتأويل ما رأيت من الرؤيا. وروى عن الحسن أنه كان يقرأ أنا آتيكم بتأويله. وقراءة العامة أُنَبِّؤُكُمْ بتأويله فقال وما يدريك يا غلام ولست بمعبر ولا كاهن؟ فقصَّ عليه أمره الذي كان وقت كونه في السجن برؤيته الرؤيا وتعبير يوسف لها وصدق تعبيره على نحو ما وصفه له وأخبره بحال " يوسف " وحكمته وعلمه وفهمه { فَأَرْسِلُونِ } يعني أرسلوني أيها الملك إلى يوسف. خاطبه بلفظ الجماعة كما يخاطب الملوك. فأرسله الملك. فلما جاء إلى يوسف في السجن ودخل عليه واعتذر إليه بما أنساه الشيطان ذكر ربه وقال: { يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصّدِيقُ } والصديق كثير الصدق. يعني أيها الصادق فيما عبرت لنا { أَفْتِنَا فِى سَبْعِ بَقَرٰتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ } هزلى { وَسَبْعِ سُنبُلَـٰتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَـٰبِسَـٰتٍ لَّعَلّى أَرْجِعُ إِلَى ٱلنَّاسِ } يعني إلى أهل مصر { لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ } قَدْرك ومنزلتك، ويقال إلى الناس. يعني إلى الملك لكي يعلم مكانك فيكون ذلك سبباً لخلاصك إذا علم تعبير رؤياه. فعبر يوسف رؤياه وهو في السجن فقال: أما السبع البقرات السمان فهي سبع سنين خصب. أما السبع العجاف فهي سبع سنين شدة وقحط ولا يكون في أرض مصر البر وأما السبع السنبلات الخضر فهي الخصب واليابسات هي القحط. { قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأْبًا } يعني ازرعوا لسبع سنين دأباً يعني دائماً { فَمَا حَصَدتُّمْ } من الزرع { فَذَرُوهُ فِى سُنبُلِهِ } يعني في كعبره فهو أبقى لكم لكي لا يأكله السوس إذا كانت في الكعبرة { إِلاَّ قَلِيلاً مّمَّا تَأْكُلُونَ } يعني: تدرسون بقدر ما تحتاجون إليه فتأكلون { ثُمَّ يَأْتِى مِن بَعْدِ ذٰلِكَ } الخصب { سَبْعٌ شِدَادٌ } يعني مجدبات { يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ } يعني للسنين.

السابقالتالي
2