الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَرَاوَدَتْهُ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ ٱلأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ إِنَّهُ رَبِّيۤ أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ } * { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلاۤ أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلْفَحْشَآءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ }

قوله تعالى: { وَقَالَ ٱلَّذِى ٱشْتَرَاهُ مِن مّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ } (قال ابن عباس كان اسمه قطيفر وهو العزيز) قال لامرأته واسمها زليخا { أَكْرِمِى مَثْوَاهُ } يعني منزله وولايته { عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا } في ضياعنا وغلاتنا على وجه التبرك به { أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا } يقول نتبناه فيكون ابناً لنا. وروى ابن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال: أفرس الناس ثلاثة: العزيز حين قال لامرأته { أَكْرِمِى مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا }. وبنت شعيب التي قالتيٰأَبَتِ ٱسْتَأجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَأجَرْتَ ٱلْقَوِىُّ ٱلأَمِينُ } [القصص: 26]. وأبو بكر حين تفرس في عمر وولاه من بعده. قال الله تعالى { وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى ٱلأَرْضِ } يعني في أرض مصر وهي (أربعين فرسخاً في أربعين فرسخاً) { وَلِنُعَلّمَهُ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ } يعني كي يلهمه تعبير الرؤيا وغير ذلك من العلوم { وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ } إذا أمر بشيء لا يقدر أحد أن يرد أمر الله تعالى إذا أراد بأحد من خلقه. ويقال والله تعالى غالب على أمره يعني وليته فيتم أمر يوسف الذي هو كائن { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } يعني أهل مصر. ويقال يعني أهل مكة لا يعلمون أن الله تعالى غالب على أمره. قوله تعالى: { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ } يعني تمت قوة نفسه وعقله. ويقال بلغ مبلغ الرجال. ويقال الأشد بلوغ ثلاثين سنة. وقال الضحاك: يعني بلغ ثلاثاً وثلاثين سنة ويقال الأشد ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثمان وثلاثين سنة { آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا } أي: أكرمناه بالنبوة والعلم والفهم والفقه فجعلناه حكيماً وعليماً { وَكَذَلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ } يعني هكذا نكافىء من أحسن. ويقال هكذا نجزي المخلصين في العمل بالفهم والعلم. قوله تعالى: { وَرَاوَدَتْهُ ٱلَّتِى هُوَ فِى بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ } يعني: راودته عما أرادت عليه مما تريد النساء من الرجال فعلم بذكره ذكر الفاحشة. ومعناه طلبت إليه أن يمكنها من نفسه. يعني امرأة العزيز واسمها زليخا. { وَغَلَّقَتِ ٱلأَبْوَابَ } عليها وعلى يوسف وجعلت تغره وتمازحه ويوسف يعظها بالله ويزجرها. وروي عن ابن عباس أنه قال: كان يوسف إذا تبسم رأيت النور في ضواحكه وإذا تكلم رأيت شعاع النور في كلامه يذهب من بين يديه. ولا يستطيع آدمي أن ينعت نعته. فقالت له: يا يوسف ما أحسن عينيك؟ قال هما أول شيء يسيلان إلى الأرض من جسدي. ثم قالت يا يوسف ما أحسن ديباج وجهك قال هو للتراب يأكله. ثم قالت يا يوسف ما أحسن شعرك قال هو أول ما ينتشر من جسدي { وَقَالَتْ } يا يوسف { هَيْتَ لَكَ } قرأ حمزة والكسائي وعاصم " هَيْتَ " بنصب الهاء والتاء يعني أقبل. ويقال هلم إلي والعرب تقول هيت فلان لفلان إذا دعاه وصاح به وهكذا قرأ ابن مسعود وابن عباس والحسن وقرأ ابن عامر في رواية هشام " هِئْيتُ " بكسر الهاء والهمز وضم التاء بمعنى تهيأت لك.

السابقالتالي
2