الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ } * { وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } * { وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } * { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } * { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } * { أَفَأَمِنُوۤاْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ ٱللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِيۤ أَدْعُو إِلَىٰ ٱللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }

قوله تعالى: { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ } يقول من أخبار ما غاب عنك علمه يا محمد { نُوحِيهِ إِلَيْكَ } يعني: ننزل عليك جبريل بالقرآن ليقرأه عليك { وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ } يعني: عند إخوة يوسف { إذْ أجْمَعُوا أمْرَهُمْ } يعني: قولهم أن يطرحوا يوسف في البئر { وَهُمْ يَمْكُرُونَ } أي يحتالون ليوسف ثم قال: { وَمَا أكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصَتْ بِمُؤْمِنِينَ } في الآية تقديم. ومعناه وما أكثر الناس بمؤمنين ولو حرصت لعلم الله السابق فيهم. ويقال: ولو حرصت بمؤمنين. يعني: من قدرت عليه الكفر وعلمت أنه أهل لذلك لا يؤمن بك ثم قال تعالى { وَمَا تَسْألُهُمْ عَلَيْهِ } يعني: على الإيمان { مِنْ أَجْرٍ } يعني: إن لم يجيبوك فلا تبال لأنهم لا ينقصون من رزق ربك شيئاً { إِنْ هُوَ } يعني ما هذا القرآن { إلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ } من الجن والإنس. وقوله تعالى: { وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ } يعني وكم من علامة { فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ } يعني: الشمس والقمر والنجوم وفي الأرض، الأمم الخالية والأشياء التي خلقت في الأرض { يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } يعني: مكذبين لا يتفكرون ثم قال تعالى { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بالله إلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ } قال ابن عباس: ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله. فهذا إيمان منهم. ثم هم يشركون به غيره. وقال القتبي: الإيمان قد يكون في معان. فمن الإيمان تصديق وتكذيب ببعض. قال الله تعالىوَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } [يوسف: 106] يعني مقرون أن الله خالقهم. وهم مع ذلك يجعلون لله شريكاً. وقال الضحاك: كانوا مشركين في تلبيتهم. وقال عكرمة: يعلمون أنه ربهم وهم مشركون به من دونه ثم قال تعالى: { أَفَأَمِنُوا } يعني: أهل مكة { أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ } يعني: مغشاهم العذاب ويقال: غاشية قطعة { مِنْ عَذَابِ الله } في الدنيا { أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً } يعني: فجأة { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } بقيامها { قُلْ } يا محمد { هَذِهِ سَبِيلي } يعني هذه الملة ديني الإسلام. ويقال هذه دعوتي { أدْعُوا } الخلق { إلَى الله } تعالى ويقال أدعوكم إلى توحيد الله وعبادته { عَلَى بَصِيرَةٍ } أي على يقين وحقيقة. ويقال على بيان { أنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي } يعني من اتبعني على ديني فهو أيضاً على بصيرة { وَسُبْحَانَ الله } تنزيهاً لله عن الشرك { وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ } على دينهم