الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ } * { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } * { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ } * { وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ } * { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ } * { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ ٱلَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ }

قوله تعالى: { وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا } يعني عذابنا. وذلك أنه أصابهم حر شديد فخرجوا إلى غيضة لهم فدخلوا فيها فظهرت لهم سحابة كهيئة الظلة فأحرقت الأشجار وصاح جبريل صيحة فماتوا كلهم. كما قال في آية أُخرىفَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ ٱلظُّلَّةِ } [الشعراء: 189] وذلك قوله تعالى { وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا } يعني عذابنا { نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ } يعني صيحة جبريل { فَأَصْبَحُواْ فِى دِيَارِهِمْ جَـٰثِمِينَ } يعني صاروا في مواضعهم ميتين لا يتحركون. قوله تعالى: { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا } يعني كأن لم يعمروا فيها { أَلاَ بُعْدًا لّمَدْيَنَ } يعني بعداً من رحمة الله تعالى { كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ } من رحمته. وروى أبو صالح عن إبن عباس قال: لم تعذب أمتان بعذاب واحد إلا قوم شعيب وصالح. صاح بهم جبريل فأهلكهم. قوله تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِـئَايَـٰتِنَا } التسع { وَسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ } يعني حجة بينة { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ } يعني قومه { فَٱتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ } يعني أطاعوا قول فرعون حين قال:مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَىٰ } [غافر: 29] فأطاعوه في ذلك. وحين قال لهممَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِى } [القصص: 38]، فأطاعوه وتركوا موسى. قال الله تعالى { وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } يقول ما قول فرعون بصواب. قوله تعالى: { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } يقول يتقدم أمام قومه يوم القيامة وهم خلفه كما كانوا يتبعونه في الدنيا ويقودهم إلي النار { فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ } يقول أدخلهم النار { وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ } يقول بئس المدخل المدخول. يعني بئس المصير الذي صاروا إليه قوله تعالى: { وَأُتْبِعُواْ فِى هَـٰذِهِ لَعْنَةً } يعني جعل عليهم اللعنة في الدنيا وهو الغرق { وَيَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } لعنة أُخرى وهي النار { بِئْسَ ٱلرّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ } يعني اللعنة على أثر اللعنة. ومعناه بئس الغرق وزفرة النار ترادفت عليهم اللعنتان. لعنة الدنيا الغرق، ولعنة الآخرة النار. وقال القتبي: بئس الرفد المرفود يعني: بئس العطاء المعطى. يقال رفدته أي أعطيته وقال الزجاج: كل شيء جعلته عوناً لشيء وأسندت به شيئاً فقد رفدته. وقال قتادة في قوله " يَقْدُمَ قَوْمَهُ " يعني يمضي بين أيديهم حتى يهجم بهم على النار وفي قوله " بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ " قال لعنة في الدنيا وزيدوا بها اللعنة في الآخرة. قوله تعالى: { ذٰلِكَ مِنْ أَنْبَاء ٱلْقُرَىٰ } يعني هذا الذي وصفت لك وقصصت عليك من أخبار الأمم والقرون الماضية { نَقُصُّهُ عَلَيْكَ } يعني ينزل جبريل ليقرأ عليك، ليكون فيها دلالة نبوتك { مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ } يعني من تلك القرى قائم ومنها ما هو حصيد والقائم يعني الظاهر ينظر إليه الناظر. (والحصيد الذي قد أبيد) وحصد يعني خرب وهلك أصحابه. ويقال القائم على بنيانه والحصيد ما خرب. وقال قتادة: منها قائم يعني خاوية على عروشها وحصيد يعني مستأصلة.

السابقالتالي
2