الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيۤءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } * { وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ قَالَ يٰقَوْمِ هَـٰؤُلاۤءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللًّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ } * { قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ } * { قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } * { قَالُواْ يٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوۤاْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلْلَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ ٱلصُّبْحُ أَلَيْسَ ٱلصُّبْحُ بِقَرِيبٍ } * { فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ } * { مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ }

قوله تعالى: { وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِىء بِهِمْ } يقول ساءه مجيئهم { وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا } يعني صدره اغتماماً ومخافة عليهم. لا يدري أيأمرهم بالرجوع أم بالنزول { وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } يعني شديد. ثم قال لامرأته ويحك قومي واخبزي ولا تعلمي أحداً. وكانت امرأته كافرة منافقة فانطلقت تطلب بعض حاجتها وجعلت لا تدخل على أحد إلا أعلمته وتقول إن عندنا قوماً من هيئتهم كذا وكذا فلما علموا بذلك جاؤوا إلى باب لوط فذلك قوله تعالى: { وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ } يعني يسرعون إليه وهو مشي بين المشيتين. ويقال يدفعون إليه دفعاً. ويقال يشتدون إليه شداً { وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيّئَاتِ } يعني من قبل أن يبعث إليهم لوط. ويقال من قبل إتيان الرسل كانوا يعملون الفواحش وهي اللواطة والكفر. فلما أرادوا الدخول { قَالَ } لهم لوط { يٰقَوْمِ هَـؤُلاء بَنَاتِى هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ } يعني أحل لكم من ذلك (وكان لوط يناظرهم. ويقول هن أطهر لكم. وكان جبريل مع أحد عشر من الملائكة وكسروا الباب فضرب أعينهم) قال الضحاك " هؤلاء بناتي " عرض عليهم بنات قومه. وقال قتادة: أمرهم لوط أن يتزوجوا النساء وقال هن أطهر لكم ولم يعرض عليهم بناته. وروى سفيان عن ليث عن مجاهد قال: لم يكن بناته ولكن كن من أمته وكل نبي هو أب أمته. وروي عن ابن مسعود أنه كان يقرأٱلنَّبِىُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } [الأحزاب: 6] وهو أب لهم. وهي قراءة أبي بن كعب. وهكذا قال سعيد بن جبير إنه أراد بنات أمته. ويقال إن رؤساءهم كانوا خطبوا بناته وكان يأبى. فقال لهم إني أزوجكم بناتي. هن أطهر لكم من الحرام. وكان النكاح بين الكافر والمسلم جائزاً { فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِى ضَيْفِى } يقول لا تفضحوني في أضيافي { أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ } يعني مرشداً صالحاً يزجركم عن هذا الأمر. ويقال رجل عاقل. ويقال رجل على الحق يستحي مني { قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِى بَنَاتِكَ مِنْ حَقًّ } يعني من حاجة. ويقولون ما لنا في النساء من حاجة { وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ } إنما نريد الأضياف فـ { قَالَ } لوط { لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً } يعني منعة بالولد { أَوْ آوِى إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } (أي أرجع إلى عشيرة كثيرة) يعني لو كانت عشيرة ومنعة لمنعكم مما تريدون. وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " رحم الله لوطاً لقد أوى إلى ركن شديد " يعني إن الله ناصره. وروى عكرمة عن ابن عباس قال: ما بعث الله نبياً بعد لوط إلا في عز من قومه. ويقال لما أرادوا الدخول وضع جبريل يده على الباب فلم يقدروا على فتحه فكسروا الباب ودخلوا فامتلأت داره، فمسح جبريل جناحه على وجوههم فذهبت أعينهم.

السابقالتالي
2