الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } * { وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } * { وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } * { وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاۤ إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ }

{ فَإِن تَوَلَّوْاْ } يعني تتولوا. ومعناه إن أعرضتم عن الإيمان فلم تؤمنوا وهذا كقولهوَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } [محمد: 38]. ثم قال { فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ } يعني إن تتولوا فأنا معذور. لأني قد أبلغتكم الرسالة { وَيَسْتَخْلِفُ رَبّى قَوْمًا غَيْرَكُمْ } إن شاء ويقال: قد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم من التوحيد ونزول العذاب في الدنيا ويستخلف ربي بعد هلاككم قوماً غيركم. يعني خيراً منكم وأطوع لله تعالى { وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً } يعني إن لم تؤمنوا به فلا تنقصون من ملكه شيئاً ويقال إهلاككم لا ينقصه شيئاً. { إِنَّ رَبّى عَلَىٰ كُلّ شَىْء حَفِيظٌ } يعني حافظاً ولا يغيب عنه شيء. ويقال: معناه: حفظ كل شيء عليه. ثمّ قال { وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا } يعني عذابنا وهو الريح العقيم { نَجَّيْنَا هُودًا وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مّنَّا } يعني بنعمة منا { وَنَجَّيْنَاهُمْ مّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } يعني من العذاب الذي عذب به عاد في الدنيا ومما يعذبون به في الآخرة. ثم قال عز وجل: { وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَـٰتِ رَبّهِمْ } يعني كذبوا بعذاب ربهم أنه غير نازل بهم. ومعناه يا أهل مكة: انظروا إلى حالهم كيف عذبوا في الدنيا وفي الآخرة. وهذا كقوله تعالىفَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةٌ بِمَا ظَلَمُوۤاْ } [النمل: 52] فكذلك ها هنا. وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم. بين جرمهم ثم بين عقوبتهم. فقال { وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ } يعني هوداً خاصة. ويقال معناه كذبوا هوداً بما أخبرهم عن الرشد { وَٱتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } يعني عملوا بقول كل جبار. ويقال أخذوا بدين كل جبار. والجبار الذي يضرب ويقتل عند الغضب، عنيد يعني معرضاً ومجانباً عن الحق. ثم بين عقوبتهم فقال { وَٱتَّبِعُـواْ } يعني ألحقوا { فِى هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً } يعني العذاب والهلاك وهي الريح العقيم { وَيَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } لعنة أُخرى وهو عذاب النار إلى الأبد { أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُواْ رَبَّهُمْ } [وهذا تنبيه للكفار أن عادا كفروا ربهم] فأهلكهم الله تعالى. فاحذروا كيلا يصيبكم بكفركم ما أصابهم بكفرهم. ويقال: { أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُواْ رَبَّهُمْ } يعني ينادي منادٍ يوم القيامة لإظهار حالهم ألا إن عاداً كفروا ربهم وقال الضحاك: ترفع لهم راية الغدر يوم القيامة فينادي منادٍ [يوم القيامة] هذه غدرة قوم عاد. فيلعنهم الملائكة وجميع الخلق فذلك قوله تعالى: { أَلاَ بُعْدًا } يعني خزياً وسحقاً { لّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ }