الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيٰقَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } * { وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِيۤ أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيْراً ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِيۤ أَنْفُسِهِمْ إِنِّيۤ إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ } * { قَالُواْ يٰنُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } * { وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِيۤ إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ } * { وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } * { وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ }

ثم قال تعالى { وَيٰقَوْمِ مَن يَنصُرُنِى مِنَ ٱللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ } يعني لو طردتهم فيعذبني الله بذلك فمن يمنعني من عذاب الله إن طردتهم عن مجلسي { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } أي أفلا تتعظون ولا تفهمون أن من (آمن) بالله لا يطرد ثم قال { وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَائِنُ ٱللَّهِ } يعني مفاتيح الله في الرزق { وَلا أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ } أن الله يهديكم أم لا. ويقال { وَلا أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ } يعني علم ما غاب عني { وَلا أَقُولُ إِنّى مَلَكٌ } من (الملائكة) { وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِى أَعْيُنُكُمْ } يعني: تحتقر أعينكم من السفلة { لَن يُؤْتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيْرًا } يعني لا أقول إن الله تعالى لا يكرم بالإيمان ولا يهدي من هو حقير في أعينكم ولكن الله يهدي من يشاء. ثم قال { ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِى أَنفُسِهِمْ } يعني بما في قلوبهم من التصديق والمعرفة { إِنّى إِذًا لَّمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني إن طردتهم فلم أقبل منهم الإيمان بسبب ما لم أعلم ما في قلوبهم كنت ظالماً على نفسي. فعجز قومه عن جوابه. { قَالُواْ يَا نُوحٌ قَدْ جَادَلْتَنَا } قال مقاتل: ماريتنا { فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا } يعني مرانا. وقال الكلبي: دعوتنا فأكثرت دعاءنا. ويقال وَعظتنا فأكثرت موعظتنا { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا } يعني لا نقبل موعظتك فأتنا بما تعدنا من العذاب { إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ } بأن العذاب نازل بنا { قَالَ } لهم نوح { إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ ٱللَّهُ إِن شَاءَ } إن شاء يعذبكم وإن شاء يصرفه عنكم { وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ } يعني: إن أراد أن يعذبكم لا تفوتون من عذابه. ثم قال { وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِى } يعني دعائي وتحذيري ونصيحتي { إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ } يعني: إن أردت أن أدعوكم من الشرك إلى التوحيد والتوبة والإيمان { إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ } يعني لا تنفعكم دعوتي إن أراد الله أن يضلكم عن الهدى ويترككم على الضلالة ويهلككم { هُوَ رَبُّكُمْ } يعني هو أولى بكم. ويقال هو ربكم رب واحد ليس له شريك { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يعني بعد الموت فيجزيكم بأعمالكم. ثم قال تعالى { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } قَال مقاتل: الخطاب لأهل مكة. معناه أتقولون إن محمداً تقوله من ذات نفسه { قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ } من ذات نفسي { فَعَلَىَّ إِجْرَامِى } يعني خطيئتي { وَأَنَاْ بَرِىءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ } يعني: من خطاياكم. وقال الكلبي: الخطاب أيضاً لقوم نوح أم يقولون: افتراه يعني: قوم نوح يقولون افتراه أي: اختلقه من تلقاء نفسه فقال لهم نوح: افتريته فعليَّ إجرامي أي: آثامي وأنا بريء مما تجرمون أي: مما تأثمون قوله تعالى: { وَأُوحِىَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ ءامَنَ } (قال الحسن: إن نوحاً عليه السلام لم يدع على قومه حتى نزلت هذه الآية) إنَّه لن يؤمن من قومك إلاَّ من قد آمن.

السابقالتالي
2