الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَرْكَنُوۤاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } * { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ } * { وَٱصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ }

قوله تعالى: { وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ } قال قتادة ولا ترجعوا إلى الشرك فتمسكم النار يعني تصيبكم النار. وقال أبو العالية: ولا ترضوا بأعمال أهل البدع. والركون هو الرضا. ويقال: ولا تميلوا إلى دين الذين كفروا. ويقال ولا ترضوا قول الذين ظلموا. وروى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " المرء على دين خليله لينظر أحدكم من يخالل " وعن عبد الله بن مسعود أنه قال اعتبروا الناس باخدانهم. ثم قال { وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء } يعني حين تمسكم النار لم يكن لكم من عذاب الله من أولياء. يعني من أقرباء ينفعكم { ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } يعني: لا تمنعون من العذاب. قوله تعالى: { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ } يعني واستقم كما أُمرت وأقم الصلاة أي أتممها { طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ } صلاة الفجر والظهر والعصر { وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ } يعني دخولاً من الليل ساعة بعد ساعة. واحدها زلفة. وهي صلاة المغرب والعشاء { إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ } يعني الصلوات الخمس يكفرن السيئات فيما دون الكبائر { ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذاكِرِينَ } يعني الصلوات الخمس توبة للتائبين. قال الكلبي: نزلت الآية في عمرو بن غزية الأنصاري ويقال نزلت في شأن أبي اليسر. كان يبيع التمر فجاءته امرأة تشتري تمراً فأدخلها في الحانوت وفعل بها كل شيء إلا الجماع. ثم ندم فأخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت هذه الآية. ويقال: نزلت في شأن أبي مقبل الثمار. وروي عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله بن مسعود أنه قال: " جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إني لقيت امرأة في البستان فضممتها إليَّ وقبلتها وفعلت بها كل شيء غير أني لم أجامعها. فسكت عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت هذه الآية. فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل وقرأها عليه. فقال عمر رضي الله عنه أله خاصة أم للناس كافة؟ قال «بل للناس كافة " وروى حماد بن سلمه عن علي بن زيد عن أبي عثمان قال كنت مع سلمان فأخذ غصناً من شجرة يابسة فحته ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى تحاتت خطاياه كما تحأت هذا الورق " ثم قرأ هذه الآية " وأقم الصلاة طرفي النهار " إلى آخرها. ثم قال تعالى { وَٱصْبِرْ } يا محمد على التوحيد ولا تركن إلى الظلمة واصبر على ما أصابك. ويقال واصبر أي أقم على هذه الصلوات الخمس حتى لا تترك منها شيئاً { فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } يعني ثواب الموحدين المخلصين ويقال المقيمين على الصلوات.