الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } * { قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ }

قال الله تعالى: { وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ } هارون وذلك لما منعهم فرعون وقومه الصلاة علانية وخربوا مساجدهم { أَن تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا } يعني اتخذوا لقومكما بمصر مساجد في جوف البيوت. { وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } يعني مساجد، فتصلون (فيها) ويقال حولوا بيوتكم نحو القبلة. وقال مجاهد كانوا يصلون في البيع فأمرهم بأن يصلوا في البيوت، وقال إبراهيم النخعي: كانوا خائفين فأمرهم بالصلاة في بيوتهم. وكان إبراهيم النخعي خائفاً من الحجاج وكان يصلي في بيته. ثم قال { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } يعني: أتموها بركوعها وسجودها. ولم يأمرهم بالزكاة لأن فرعون (عليه اللعنة) قد استعبدهم وأخذ أموالهم فلم يكن لهم مال يجب عليهم الزكاة فيه، ثم قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - { وَبَشّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } يعني المصدقين بتوحيد الله تعالى بالجنة. قرأ عاصم في رواية حفص " أَنْ تَبَوَيَا " بالياء بلا همز. لأنه كره الهمزة بين حرفين فجعلها ياء. وقرأ الباقون بغير ياء بالهمزة. إلا أنه روي عن حمزة أنه كان لا يهمز. قوله تعالى { وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ ءاتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ } وذلك أن أهل مصر لما عذبوا بالطوفان والجراد والسنين قالوالَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ } [الأعراف: 134]، ثم نكثوا العهد ولم يؤمنوا فغضب موسى عليهم ودعا الله تعالى عليهم وقال { رَبَّنَا إِنَّكَ ءاتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ } يعني الأشراف من قومه { زِينَةً وَأَمْوَالاً فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ } يعني أعطيتهم ليضلوا { عَن سَبِيلِكَ } عن دينك الإسلام. قرأ أهل الكوفة وعاصم وحمزة الكسائي " لِيُضِلُّوا " بضم الياء يعني ليضلوا الناس ويصرفونهم عن دينك. وقرأ الباقون " لِيضِلُّوا " بنصب الياء يعني يرجعون عن دينك ويمتنعون جملة (واحدة) عنه { رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوٰلِهِمْ } يعني: غير دراهمهم ودنانيرهم. وذلك حين وعد فرعون بأن يؤمن ويرسل معه بني إسرائيل. ثم نقض العهد فدعا عليهم موسى عليه السلام. وروى معمر عن قتادة: في قوله { رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوٰلِهِمْ } قال بلغنا أن حروثاً لهم صارت حجارة. وعن السدي أنه قال: صارت دراهمهم ودنانيرهم حجارة وعن أبي العالية (الرياحي) أنه قال: صارت أموالهم حجارة. وقال مجاهد في قوله تعالى: { رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوٰلِهِمْ } يعني أهلكها وقال القتبي في قوله { رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوٰلِهِمْ } أي اقسها. ويقال اطبع قلوبهم وأمتهم على الكفر فلا توفقهم للإيمان لكي لا يؤمنوا { فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلألِيمَ } وهو الغرق. ودعا موسى عليه السلام (وأَمَّن هارون) عليه السلام { قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا } قال محمد بن كعب (القرظي) دعا موسى وأمن هارون. وعن أبي العالية وعكرمة وأبي صالح مثله. وعن أبي هريرة مثله وعن أنس بن مالك أنه قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:

السابقالتالي
2