الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ٱئْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ } * { فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ } * { فَلَمَّآ أَلْقَواْ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ } * { فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { وَقَالَ مُوسَىٰ يٰقَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤاْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ } * { فَقَالُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ }

{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ } يعني: حاذق (بالسحر) قرأ حمزة والكسائي " سَحَّارٍ " على معنى المبالغة وقرأ الباقون " سَاحِرٍ " { فَلَمَّا جَاء ٱلسَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَا أَنتُمْ مُّلْقُونَ } يعني: اطرحوا ما في أيديكم من العصي والحبال { فَلَمَّا أَلْقُوْاْ } ما معهم من الحبال والعصي إلى الأرض { قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ } يعني العمل الذي عملتم به هو السحر { إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ } يعني سيهلكه { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ } يعني: لا يرضى عمل المفسدين. قرأ أبو عمرو آلسحر. بالمد على وجه الاستفهام. ويكون معناه " قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ يعني ما الذي جئتم به؟ وتم الكلام. ثم قال " ٱلسِّحْرُ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ " يعني عمل السحرة. قوله تعالى: { وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَـٰتِهِ } يعني يظهر دينه الإسلام بتحقيقه ونصرته { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ } يعني فرعون وقومه. قال الله تعالى { فَمَا ءامَنَ لِمُوسَىٰ } يعني ما صدق بموسى { إِلاَّ ذُرّيَّةٌ مّن قَوْمِهِ } يعني: قبيلته من قومه الذين كانت أمهاتهم من بني إسرائيل وآباؤهم من القبط. وروى مقاتل عن ابن عباس أنه قال: { إِلاَّ ذُرّيَّةٌ مّن قَوْمِهِ }. يعني: من قوم موسى عليه السلام وهم بنو إسرائيل، وهم ستمائة ألف، قال وكان يعقوب حين ركب إلى مصر من كنعان في اثنين وسبعين إنساناً فتوالدوا بمصر حتى بلغوا ستمائة ألف، ويقال { إِلاَّ ذُرّيَّةٌ مّن قَوْمِهِ } يعني خربيل، وهو الذي قال في آية أُخرىوَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ } [غافر: 28]. ثم قال { عَلَىٰ خَوْفٍ مّن فِرْعَوْنَ } [يعني: فما آمن لموسى عليه السلام خوفاً من فرعون] { وَمَلَئِهِمْ } إشارة إلى فرعون بلفظ الجماعة كقولهفَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ } [هود: 14] يعني محمداً - صلى الله عليه وسلم - خاصة. { أَن يَفْتِنَهُمْ } يعني (يقتلهم) { وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي ٱلأرْضِ } يعني لعات ويقال الغالب. ويقال المخالف والمتكبر في أرض مصر { وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } يعني لمن المشركين روى موسى بن عبيدة عن محمد بن المنكدر قال: عاش فرعون ثلاثمائة سنة. منها مائتين وعشرين سنة لم ير مكروهاً، ودعاه موسى عليه السلام ثمانين سنة { وَقَالَ مُوسَىٰ يَٰ قَوْم إِن كُنتُمْ ءامَنْتُمْ بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنْتُم مُّسْلِمِينَ } يعني ثقوا بالله تعالى وذلك حين قالوا لهأُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا } [الأعراف: 129] فلما قال لهم هذا موسى عليه السلام { قَالُواْ عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا } يعين فوضنا أمرنا إليه { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً } بلية وعبرة { لّلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني لا تنصرهم علينا. قال مجاهد: يعني لا تعذبنا بأيدي فرعون ولا بعذاب من عندك. فيقولوا لو كانوا على الحق ما عذبوا وما سُلِّطْنَا عليهم فيفتتنوا بنا { وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ } يعني: بنعمتك { مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَـٰفِرِينَ } يعني فرعون وقومه.