الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ } * { مَتَاعٌ فِي ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلْعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } * { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يٰقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوۤاْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ ٱقْضُوۤاْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونَ } * { فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنْذَرِينَ }

قوله تعالى: { قُلْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ } بأن له ولداً { لاَ يُفْلِحُونَ } " يعني: لا يأمنون من عذابه ولا ينجون منه { مَتَـٰعٌ }.. " يعني منفعتهم { فِى ٱلدُّنْيَا } قليل { ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ } يعني مصيرهم في الآخرة { ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلْعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } بكفرهم قوله تعالى: { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ } فإن لم تعتبروا بذلك. فاتل عليهم، يعني إقرأ عليهم خبر نوح في القرآن { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يٰقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ } يعني: عظم وثقل { مَّقَامِى } طول مقامي (فيكم) { وَتَذْكِيرِى بِآيَاتِ ٱللَّهِ } يعني: وعظي لكم بالله تعالى. وعظته بالله تعالى ما ذكر في سورة نوح وهو قولهٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً } [نوح: 10] إلى قولهكَيْفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبْعَ سَمَـٰوَٰتٍ طِبَاقًا } [لملك: 3] الآية فلما وعظهم بذلك أرادوا قتله حين قالوا { لَئِنْ لَّمْ تَنْتَهِ يٰنُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُرْجُومِينَ } أي من المقتولين بالحجارة فقال لهم نوح { إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَّقَامِى } فيكم وعظتي لكم { فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْتُ } أي: وثقت وفوضت أمري إلى الله تعالى { فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ } يعني كيدكم. ويقال قولكم (وعملكم)، { وَشُرَكَاءكُمْ } يعني وادعوا شركاءكم { ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ ٱقْضُواْ إِلَىَّ } أي: امضوا إلى { وَلاَ تُنظِرُونَ } أي: ولا تمهلون ويقال: اقضوا ما أنتم قاضون واستعينوا بآلهتكم ويقال: اعملوا بما في أنفسكم من الشر وروي عن نافع أنه قرأ فاجمعوا بالوصل والجزم من جمعت وقرأ الباقون فأجمعوا بالقطع من الإجماع وقرأ الحسن البصري ويعقوب الحضرمي شركاءكم أي: أين شركاؤكم ليجمعوا أمرهم معكم ويعينوكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة يقول: أظهروا أمركم فلا تكتموه يعني: القتل وقال القتبي: الغمة والغم واحد كما يقال: كربة وكرب أي: لا يكن أمركم غماً عليكم ثم اقضوا إليَّ أي: اعملوا بما تريدون كقوله: اقض ما أنت قاض { فَإِن تَوَلَّيْتُمْ } يعني أعرضتم وأبيتم عن الإيمان وأبيتم أن تقبلوا (ما أتيتكم به) وأمرتكم به ونهيتكم عنه { فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ } يعني ما سألتكم بذلك أجراً في الدنيا ومعناه إن أعرضتم عن الإيمان لا يضرني لأني لا أطلب منكم بذلك أجراً في الدين { إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ } ما ثوابي إلا على الله { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } يعني وأمرت أن أستقيم على التوحيد مع المسلمين قوله تعالى: { فَكَذَّبُوهُ } بالعذاب بأنه غير نازل بهم { فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِى ٱلْفُلْكِ } من الغرق { وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ } يعني خلفاء من بعد هلاك كفارهم { وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } يعني كذبوا نوحاً بما أتاهم به { فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنْذَرِينَ } كيف كان آخر أمر من أنذرهم الرسل فلم يؤمنوا.