قوله تعالى: { قُلْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ } بأن له ولداً { لاَ يُفْلِحُونَ } " يعني: لا يأمنون من عذابه ولا ينجون منه { مَتَـٰعٌ }.. " يعني منفعتهم { فِى ٱلدُّنْيَا } قليل { ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ } يعني مصيرهم في الآخرة { ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلْعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } بكفرهم قوله تعالى: { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ } فإن لم تعتبروا بذلك. فاتل عليهم، يعني إقرأ عليهم خبر نوح في القرآن { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يٰقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ } يعني: عظم وثقل { مَّقَامِى } طول مقامي (فيكم) { وَتَذْكِيرِى بِآيَاتِ ٱللَّهِ } يعني: وعظي لكم بالله تعالى. وعظته بالله تعالى ما ذكر في سورة نوح وهو قوله{ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً } [نوح: 10] إلى قوله{ كَيْفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبْعَ سَمَـٰوَٰتٍ طِبَاقًا } [لملك: 3] الآية فلما وعظهم بذلك أرادوا قتله حين قالوا { لَئِنْ لَّمْ تَنْتَهِ يٰنُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُرْجُومِينَ } أي من المقتولين بالحجارة فقال لهم نوح { إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَّقَامِى } فيكم وعظتي لكم { فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْتُ } أي: وثقت وفوضت أمري إلى الله تعالى { فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ } يعني كيدكم. ويقال قولكم (وعملكم)، { وَشُرَكَاءكُمْ } يعني وادعوا شركاءكم { ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ ٱقْضُواْ إِلَىَّ } أي: امضوا إلى { وَلاَ تُنظِرُونَ } أي: ولا تمهلون ويقال: اقضوا ما أنتم قاضون واستعينوا بآلهتكم ويقال: اعملوا بما في أنفسكم من الشر وروي عن نافع أنه قرأ فاجمعوا بالوصل والجزم من جمعت وقرأ الباقون فأجمعوا بالقطع من الإجماع وقرأ الحسن البصري ويعقوب الحضرمي شركاءكم أي: أين شركاؤكم ليجمعوا أمرهم معكم ويعينوكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة يقول: أظهروا أمركم فلا تكتموه يعني: القتل وقال القتبي: الغمة والغم واحد كما يقال: كربة وكرب أي: لا يكن أمركم غماً عليكم ثم اقضوا إليَّ أي: اعملوا بما تريدون كقوله: اقض ما أنت قاض { فَإِن تَوَلَّيْتُمْ } يعني أعرضتم وأبيتم عن الإيمان وأبيتم أن تقبلوا (ما أتيتكم به) وأمرتكم به ونهيتكم عنه { فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ } يعني ما سألتكم بذلك أجراً في الدنيا ومعناه إن أعرضتم عن الإيمان لا يضرني لأني لا أطلب منكم بذلك أجراً في الدين { إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ } ما ثوابي إلا على الله { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } يعني وأمرت أن أستقيم على التوحيد مع المسلمين قوله تعالى: { فَكَذَّبُوهُ } بالعذاب بأنه غير نازل بهم { فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِى ٱلْفُلْكِ } من الغرق { وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ } يعني خلفاء من بعد هلاك كفارهم { وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } يعني كذبوا نوحاً بما أتاهم به { فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنْذَرِينَ } كيف كان آخر أمر من أنذرهم الرسل فلم يؤمنوا.