الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى ٱللَّهِ تَفْتَرُونَ } * { وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ } * { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذٰلِكَ وَلاۤ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }

قوله تعالى: { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ مّن رّزْقٍ } في الكتاب ويقال من السماء، ويقال ما أعطاكم الله من الرزق والحرث والأنعام والبحيرة والسائبة وبَيَّنَ في كتابه تحليلها { فَجَعَلْتُمْ مّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً } حراماً على النساء وحلالاً على الرجال { قُلِ ٱللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ } يعني الله عز وجل أمركم بتحريمه وتحليله { أَمْ عَلَى ٱللَّهِ تَفْتَرُونَ } يعني بل على الله تفترون يعني تختلقون على الله كذباً ما لم يقله ولم يأمر به. فقال قل الله أذن لكم؟ فقالوا بلى أمرنا بها. قال الله تعالى { أَمْ عَلَى ٱللَّهِ تَفْتَرُونَ } بل على الله تختلقون. ثم قال تعالى { وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ } يعني وما ظنهم حين ينزل بهم العذاب { يَوْمُ ٱلْقِيَـٰمَةِ } وكيف ينجون منه { إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ } لذو مَنٍّ على الناس بتأخير العذاب عنهم { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ } (نعمة الله تعالى) عليهم بتأخير العذاب عنهم. قوله تعالى: { وَمَا تَكُونُ فِى شَأْنٍ } أي: وما تكون يا محمد في أمر من الأمور { وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْآنٍ } وما تقرأ من الله من قرآن مما أوحي إليك. فخاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - وخاطب أمته أيضاً فقال { وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً } يعني عالماً بكم وبأعمالكم فلا تنسوه. ويقال إلاّ جعل عليكم شاهداً من الملائكة وهم الحفظة { إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } يعني حين تأخذون في قراءة القرآن. ويقال حين تخوضون فيه { وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ } قرأ الكسائي { وَمَا يَعْزِبُ } بكسر الزاي. وقرأ الباقون بالضم وهما لغتان جيدتان. وهكذا (ذكر عن) الفراء يعني وما يغيب { عَن رَّبّكَ مِن مّثْقَالِ ذَرَّةٍ } قال الكلبي: وهي النملة الحميراء. وقال مقاتل: أصغر نملة في الأرض. ويقال الذَّر ما يرى في شعاع الشمس. والمثقال عبارة عن الوزن. يعني لا يغيب عنه وزن الذرة { فِي ٱلأرْضِ وَلاَ فِى ٱلسَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذٰلِكَ } يعني ولا أخف من وزن الذرة { وَلا أَكْبَرَ } يعني ولا أثقل من وزن الذرة. ويقال لا أقل منه ولا أعظم { إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ مُّبِينٍ } يعني مكتوباً في اللوح المحفوظ. قرأ حمزة { وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذٰلِكَ وَلا أَكْبَرُ } بضم الراءين. ومعناه ولا يغيب عنه أصغر من ذلك ولا أكبر منه. فيصير رفعاً لأنه فاعل. وقرأ الباقون بالنصب، لأن معناه ولا يغيب عنه بمثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا بمثقال ذرة أصغر من ذلك. فموضعه خفض إلا أنه لا ينصرف. فصار نصباً.