الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّيۤ إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } * { وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي ٱلأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } * { أَلاۤ إِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } * { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }

قوله تعالى: { وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ } قال قتادة ومقاتل، وذلك أن حيي بن أخطب حين قدم مكة قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - أحق هذا العذاب؟ قال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - { قُلْ إِى وَرَبِّى } يعني إي والله إنَّه لكائن، ويقال معناه ويسألونك عن البعث أحق هو؟ ويسألونك عن دينك أحق هو؟ { قُلْ إِى وَرَبّى } يعني قل يا محمد نعم { إِنَّهُ لَحَقٌّ } يعني العذاب " نازل بكم إن لم تؤمنوا " { وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ } بفائتين من العذاب حتى يخزيكم به. ثم أخبر عن حالهم حين نزل بهم العذاب فقال تعالى { وَلَوْ أَنَّ لِكُلّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ } يعني كفرت وأشركت بالله تعالى لو كان لها { مَا فِى ٱلأرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ } يعني النفس لافتدت من سوء العذاب ولا يقبل منها { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ } يعني أخفوا الندامة. يعني القادة من السفلة { لَمَّا رَأَوُاْ ٱْلَعَذَابَ } حين نزل بهم العذاب { وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ } بين القادة والسفلة بالعدل. ويقال قضي بينهم. يعني بين الخلق بالعدل فيعطى ثوابهم على قدر أعمالهم. ويقال يقضى بين الكفار بالعدل وبين المؤمنين بالفضل. ثم قال { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } يعني: لا ينقصون من ثواب أعمالهم شيئاً. ثم بيَّن استغناءه عن عبادة (الخلق) وقدرته عليهم فقال { أَلا إِنَّ للَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } يعني كلهم عبيده وإماؤه وهو قادر عليهم، ويقال كل شيء يدل على توحيده وأن له صانعاً { أَلاَ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } يعني البعث بعد الموت هو كائن { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } يعني: لا يصدقون به ثم قال تعالى { هُوَ يُحْىِ وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } في الآخرة فيجازيكم بأعمالكم. قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ } يعني يا أهل مكة. ويقال جميع الناس { قَدْ جَاءتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مّن رَّبِّكُمْ } يعني نهياً من ربكم عن الشرك على لسان نبيكم { وَشِفَاءٌ لِمَا فِى ٱلصُّدُورِ } يعني القرآن شفاء للقلوب من الشرك ويقال شفاء من العمى لأن فيه بيان الحلال والحرام { وَهُدَىٰ } من الضلالة. ويقال صواباً وبياناً { وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ } يعني القرآن نعمة الله على المؤمنين، نعمة من العذاب لمن آمن وعمل بما فيه. قوله تعالى: { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ } يعني قل يا محمد للمؤمنين بفضل الله والإسلام. { وَبِرَحْمَتِهِ } (القرآن) وروي عن ابن عباس أنه قال: بفضل الله يعني القرآن. وبرحمته الإسلام، يعني بنعمته عليكم إذ أكرمكم بالإسلام، والقرآن. وهكذا قال أبو سعيد الخدري. وقال الضحاك ومجاهد: بفضل الله القرآن وبرحمته الإسلام. وقال مقاتل: بفضل الله الإسلام وبرحمته القرآن، وعن الحسن مثله. وقال القتبي مثله قوله: { فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ } يعني بالقرآن والإيمان { هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ } من الأموال. قرأ ابن عامر { فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } بالتاء. كلاهما على معنى المخاطبة وقرأ الباقون (يجمعون) بالياء على معنى المغايبة