الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } * { وَمَا كَانَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىٰ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَمِنهُمْ مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيۤئُونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } * { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ } * { وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ }

ثم قال { وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً } يعني لا يستيقنون أن اللات والعزى آلهة بالظن. ومعناه أنهم يتركون عبادة الله تعالى وهو الحق لأنهم يقرون بأن الله خالقهم فيتركون الحق ويتبعون الظن { إَنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِى مِنَ ٱلْحَقّ شَيْئًا } يعني علمهم لا يغني من عذاب الله شيئاً. ويقال وما يتبع أكثرهم يعني [ما قذف الشيطان في أوهامهم] { إنَّ ٱلظَّنَّ } ] يعني ما قذف الشيطان في أوهامهم، لا يستطيعون أن يدفعوا (الحق بالباطل)، ويقال وما يتبع. يعني وما يعمل أكثرهم إلا ظنّاً، يظنون في غير يقين وهم الرؤساء، وأما السفلة فيطيعون رؤساءهم { إَنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِى مِنَ ٱلْحَقّ شَيْئًا } { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } من عبادتهم الأصنام وما يقولون من القول المختلق والكذب { وَمَا كَانَ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانُ أَن يُفْتَرَىٰ } يعني لهذا القرآن مختلف { مِن دُونِ ٱللَّهِ } تعالى. وقال القتبي: ما كان هذا القرآن أن يضاف إلى غير الله تعالى أو يختلق { وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ } ولكن نزل بتصديق الذي بين يديه من التوراة والإنجيل. ويقال معناه ولكن بتصديق النبي الذي أنزل القرآن بين يديه، يعين الذي هو قبل سماعكم، لأن القرآن تصديق لما جاء من أنباء الأمم السابقة وأقاصيص أنبيائهم يعني بيان كل شيء ويقال بيان الحلال والحرام { وَتَفْصِيلَ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ } يعني: لا شك فيه عند المؤمنين إنه نزل. { مِن رَّبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ }. قوله تعالى: { أَمْ يَقُولُونَ } يعني: أيقولون؟ وهم كفار مكة { ٱفْتَرَاهُ } تقوله من ذات نفسه { قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مّثْلِهِ } يعني مثل القرآن { وَٱدْعُواْ } استعينوا على ذلك { مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ } ممن تعبدون { مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } بأنه تقوله من تلقاء نفسه. فلما قال لهم ذلك سكتوا ولم يجيبوا فنزل قوله: { بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ } يعني القرآن لم يعلموا ما فيه. ويقال: لم يعلموا ما عليهم بتكذيبهم { وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ } يعني ولما يأتهم عاقبة ما وعدوا في هذا القرآن. يعني: سيئاتهم، ما وعد لهم وهو كائن في الدنيا بالعذاب وفي الآخرة بالنار ثم قال { كَذٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } هكذا كذب الأمم الخالية رسلهم { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني: كيف صار جزاء المكذبين لرسلهم، فيه تعزية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحث له على الصبر وتخويف لهم بالعقوبة، قوله تعالى: { وَمِنهُمْ مَّن يُؤْمِنُ بِهِ } يعني: بالقرآن { وَمِنْهُمْ مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِٱلْمُفْسِدِينَ } يعني: بعقوبة من لم يؤمن به، قال مقاتل: وَمِنهُمْ مَّن يُؤْمِنُ بِهِ (من أهل الكتاب)، وَمِنْهُمْ مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ من أهل مكة، وقال الكلبي ومنهم من يؤمن به من اليهود، يعني: يؤمن به من قبل موته، ومنهم من لا يؤمن به يعني: بعلم الله تعالى السابق فيه.

السابقالتالي
2