الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } * { كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُوۤاْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ ٱللَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } * { قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ قُلِ ٱللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيۤ إِلاَّ أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }

قوله تعالى: { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مّنَ ٱلسَّمَاءِ } يعني قل يا محمد للمشركين من يرزقكم من السماء بالمطر { وٱلأَرْضِ } ومن الأرض بالنبات { أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأبْصَـٰرَ } أي من يخلق لكم السمع والأبصار { وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَىَّ مِنَ ٱلْمَيّتِ } ومن يقدر أن يخرج الحي من الميت، يعني الفرخ من البيضة { وَيُخْرِجُ ٱلْمَيّتَ مِنَ ٱلْحَىّ } يعني البيضة من الطير والنطفة من الإنسان والمؤمن من الكافر والكافر من المؤمن { وَمَن يُدَبّرُ ٱلأمْرَ } يعني من يقدر أن يدبر الأمر بين الخلق وينظر في تدبير الخلائق. ويقال من يرسل الملائكة بالأمر { فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ } يفعل ذلك كله (لا الأصنام) لأن الأصنام لم يكن لهم قدرة على هذه الأشياء { فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } الشرك فتوحدونه إذ تعلمون أن لا يقدر أحد أن يفعل هذه الأشياء إلا الله تبارك وتعالى. ويقال أفلا تتقون. أي تطيعون الله الذي يملك ذلك ثم قال تعالى { فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ } وغيره من الآلهة باطل ليس بشيء { فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ } يعني فما عبادتكم. بعد ترك عبادة الله تعالى إلا عبادة الشيطان. ويقال فماذا بعد التوحيد إلا الشرك { فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } يعني فمن أين تمتنعون عن الإيمان بالله. ويقال فأنى تصرفون عن هذا الأمر بعد المعرفة. وقال مقاتل: فمن أين تعدلون به غيره. ويقال كيف ترجعون عن هذا الإقرار. ثم قال: { كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ } يعني: هكذا وجبت كلمة العذاب من ربك كقولهوَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } [الزمر: 71] ويقال وجبت كلمة ربك وهو قوله:لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ } [الأعراف: 18 ] قوله { عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ } يعني: كفروا بربهم { أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } يعني: لا يصدقون بعلم الله تعالى السابق فيهم. ويقال أنَّهم لا يؤمنون. يعني لأنهم لا يؤمنون، فوجب عليهم العذاب بترك إيمانهم. قرأ نافع وابن عامر { كَلِمَـٰتُ رَبَّكَ } بلفظ الجماعة، وقرأ الباقون " كَلِمَةُ رَبِّكَ ". وكذلك الاختلاف في قولهإِنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ } [يونس: 96]. قوله تعالى: { قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } يعني أصنامكم التي تعبدونها هل يقدرون أن يخلقوا خلقاً من غير شيء ثم يبعثونهم في الآخرة كما يفعل الله تعالى. فإِن أجابوك وإلا فـ { قُلِ ٱللَّهُ يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } يعني إن معبودكم لا يستطيع ذلك { فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } يعني من أين تكذبون. { قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَهْدِى إِلَى ٱلْحَقِّ } يقول هل يقدر [أحد] من آلهتكم أن يهدي إلى الحق. أي يدعو الخلق إلى الإسلام، فقالوا لا { قُلِ ٱللَّهُ يَهْدِى لِلْحَقّ } يعني: يدعو الخلق إلى الإسلام ويوفق من كان أهلاً لذلك { أَفَمَن يَهْدِى إِلَى ٱلْحَقّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ } أي يدعو إلى الحق أحق أن يعمل بأمره ويعبد { أَمَّن لاَّ يَهِدِّى } طريقاً ولا يهتدي { إِلاَّ أَن يُهْدَىٰ } يعني [لا] يمشي بنفسه إلا أن يحمل من مكان، قرأ نافع وأبو عمرو " أَمَّنْ لاَ يَهْدِّى " بجزم الهاء وتشديد الدال.

السابقالتالي
2