الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } * { لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُطَّهِّرِينَ } * { أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَٱنْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ ٱلَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ وَٱلْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

{ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً.... } إلى قوله { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } تفسير الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حين غزوة تبوك نزل بين ظهراني الأنصار وبنى مسجد قباء وهو الذي أسس على التقوى وكان المنافقون من الأنصار بنوا مسجدا فقالوا نميل به فإن أتانا محمد فيه وإلا لم ونخلوا فيه لحوائجنا ونبعث إلى أبي عامر الراهب لمحارب من محاربي الأنصار كان يقال له أبو عامر الراهب وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسره فيأتينا فنستشيره في أمورنا فلما بنوا المسجد وهو الذي قال الله عز وجل { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي بين جماعة المؤمنين { وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ } يعني أبا عامر فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظر الوحي لا يأتيهم ولا يأتونه فلما طال ذلك عليه دعا بقميصه ليأتيهم فإنه ليزره عليه إذ أتاه جبريل فقال { لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً } يعني ذلك المسجد { لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ } يعني مسجد قباء { أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ }.

قال محمد قوله { وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } أي انتظارا يقال أرصدت له بالشر ورصدته بالمعافاة وقد قيل أرصدت له بالخير والشر جميعا.

{ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُطَّهِّرِينَ } يحيى عن همام عن قتادة عن شهر بن حوشب قال " لما نزلت { فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُطَّهِّرِينَ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا معشر الأنصار إن الله قد أحسن عليكم الثناء في الطهور فكيف طهوركم بالماء ". قالوا نغسل أثر الخلاء بالماء " من حديث يحيى بن محمد.

قال يحيى وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا المنافقين الذين بنوا ذلك المسجد فقال ما حملكم على بناء هذا المسجد فحلفوا بالله إن أردنا إلا الحسنى.

{ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }.

{ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ } يعني حرف جرف.

{ فَٱنْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ } أي أن الذي أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير من الآخر قال قتادة ما تناهى أن وقع في النار وذكر لنا أنهم حفروا فيه بقعة فرئى منها الدخان.

قال محمد قوله { عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ } يعني حرف جرف والجرف ما تجرف بالسيول من الأودية يقال جرف هار وهائر إذا كان متصدعا فإذا سقط قيل انهار وتهور.

وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ وَٱلْقُرْآنِ } [التوبة: 111] يقول هذا حكم الله عز وجل في هذا في التوراة والإنجيل والقرآن.

قال محمد { وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً } بالنصب على معنى فإن لهم الجنة وعدهم إياها وعدا عليه حقا.

{ لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ ٱلَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ } أي شكا { إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ } تفسير مجاهد يقول إلا أن يموتوا قال يحيى أخبر أنهم يموتون على النفاق.