الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ } * { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَا إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } * { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }

{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } الآية قال الكلبي بلغنا أن عصابة من قريش اجتمعوا في دار الندوة يمكرون بنبي الله فدخل معهم إبليس عليه ثياب له أظفار في صورة شيخ كبير فجلس معهم فقالوا ما أدخلك في جماعتنا بغير إذننا فقال لهم أنا رجل من أهل نجد قدمت مكة فأحببت أن أسمع من حديثكم وأقتبس منكم خيرا ورأيت وجوهكم حسنة وريحكم طيبة فإن أحببتم جلست معكم وإذا كرهتم مجلسي ل خرجت فقال بعضهم لبعض هذا رجل من أهل نجد ليس من أهل تهامة فلا بأس عليكم منه تتكلموا بالمكر ببني الله فقال البختري بن هشام أحد بني أسد ابن عبد العزى أما أنا فأرى لكم من الرأي أن تأخذوا محمدا فتجعلوه في بيت ثم تسدوا عليه بابه وتجعلوا فيه كوة يدخل إليه منها طعامه وشرابه ثم تذروه فيه حتى يموت فقال القوم نعم الرأي رأيت فقال إبليس بئس الرأي رأيتم تعمدون إلى رجل له فيكم صغو وقد سمع به من حولكم فتحبسونه وتطعمونه وتسقونه فيوشك الصغو الذي له فيكم أن يقاتلوكم عليه فتفسد فيه جماعتكم وتسفك فيه دماؤكم فقالوا صدق والله ثم تكلم أبو الأسود وهو هاشم بن عمير بن ربيعة أحد بني عامر بن لؤي فقال أما أنا فأرى أن تحملوا محمدا على بعير ثم تخرجوه من أرضكم فيذهب حيث شاء ويليه غيركم فقالوا نعم الرأي رأيت فقال إبليس بئس الرأي رأيتم تعمدون إلى رجل أفسد جماعتكم واتبعته منكم طائفة فتخرجونه إلى غيركم فيأتيهم فيفسدهم كما أفسدكم يوشك والله أن يميل بهم عليكم قالوا صدق والله ثم تكلم أبو جهل فقال أما أنا فأرى من الرأي أن تأخذوا من كل بطن من قريش رجلا ثم تعطوا كل رجل منهم سيفا فيأتونه فيضربونه جميعا فلا يدري قومه من يأخذون به وتودي قريش ديته.

فقال إبليس صدق والله هذا الشاب إن الأمر لكما قال فاتفقوا على ذلك فنزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره وأمره بالخروج فخرج من ليلته إلى المدينة فدخل الغار قال الله { وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ }.

قال محمد والمكر من الله الجزاء والمثوبة أن يجازيهم جزاء مكرهم.

ومعنى { لِيُثْبِتُوكَ } أي ليحسبوك ومنه يقال فلان مثبت وجعا إذا منع من الحركة.

قوله { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } قال الكلبي لما قص رسول الله على قومه شأن القرون الأولى قال النضر بن الحارث أحد بني عبد الدار لو شئت لقلت مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين كذب الأولين وباطلهم قال محمد الأساطير واحدها أسطورة.

{ وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ } أي إن كان ما يقول محمد حقا { فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ }.

قال محمد القراءة على نصب { ٱلْحَقَّ } على خبر كان ودخلت هو للتوكيد.

{ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } قال الحسن أي حتى نخرجك من بين أظهرهم.

{ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } يقول إن القوم لم يكونوا يستغفرون ولو استغفروا الله لما عذبوا.