الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَسْئَلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي ٱلسَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } * { وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً ٱللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } * { فَلَماَّ نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلسُوۤءِ وَأَخَذْنَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } * { فَلَماَّ عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ }

{ وَسْئَلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي ٱلسَّبْتِ } أي يعتدون { يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً } أي شوارع في الماء { كَذَلِكَ نَبْلُوهُم } أي نبتليهم { وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ } الآية.

تفسير الكلبي القرية هي أيلة وذكر لنا أنهم كانوا في زمان داود وهو مكان من البحر تجتمع فيه الحيتان في شهر من السنة كهيئة العيد تأتيهم منه حتى لا يروا الماء وتأتيهم في غير ذلك الشهر كل يوم سبت كما تأتيهم في ذلك الشهر فإذا جاء السبت لم يمسوا منها شيئا فعمد رجال من سفهاء تلك المدينة فأخذوا الحيتان ليلة السبت ويوم السبت فأكثروا منها وملحوا وباعوا ولم تنزل بهم عقوبة فاستبشروا وقالوا إنا نرى السبت قد حل وذهبت حرمته إنما كان يعاقب به آباؤنا فعملوا بذلك سنين حتى أثروا منه وتزوجوا النساء واتخذوا الأموال فمشى إليهم طوائف من صالحيهم فقالوا يا قوم انتهكتم حرمة سبتكم وعصيتم ربكم وخالفتم سنة نبيكم فانتهوا عن هذا العمل قبل أن ينزل بكم العذاب قالوا فلم تعظوننا إذ كنتم علمتم أن الله مهلكنا وإن أطعمتمونا لتفعلن كالذي فعلنا فقد فعلنا منذ سنين فما زادنا الله به إلا خيرا قالوا ويلكم لا تغتروا ولا تأمنوا بأس الله كأنه قد نزل بكم قالوا { لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً ٱللَّهُ مُهْلِكُهُمْ..... } الآية.

وفي غير تفسير الكلبي صاروا ثلاث فرق فرقة اجترأت على المعصية وفرقة نهت وفرقة كفت فلم تصنع ما صنعوا ولم تنههم وقالوا للذين نهوا { لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً ٱللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ }.

قال محمد يجوز الرفع في { مَعْذِرَةً } على معنى موعظتنا إياهم معذرة { فَلَماَّ نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ } أي تركوا ما وعظوا به { وَأَخَذْنَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ } أي شديد { قِرَدَةً خَاسِئِينَ } أي مبعدين قال قتادة فصاروا قردة تعاوى لها أذناب.

قال قتادة وبلغنا أنه دخل على ابن عباس وبين يديه المصحف وهو يبكي وقد أتى على هذه الآية { فَلَماَّ نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ } فقال قد علمت أن الله أهلك الذين أخذوا الحيتان ونجى الذين نهوهم و لا أدري ما صنع بالذين لم ينهوا ولم يواقعوا المعصية.

قال الحسن وأي نهي يكون أشد من أنهم أثبتوا لهم الوعيد وخوفوهم العذاب فقالوا { لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً ٱللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً }.