الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ ٱلَّذِي تَقُولُ وَٱللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } * { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً } * { وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً } * { مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً }

{ وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ } يعني به المنافقين يقولون ذلك لرسول الله عليه السلام قال محمد وارتفعت { طَاعَةٌ } بمعنى أمرنا طاعة { فَإِذَا بَرَزُواْ } خرجوا { مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ } قال قتادة يعني غيرت طائفة منهم { غَيْرَ ٱلَّذِي تَقُولُ وَٱللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ } أي يغيرون قال محمد قيل المعنى قالوا وقدروا ليلا غير ما أتوك نهارا والعرب تقول لكل ما فكر فيه أو خيض بليل قد بيت ومن هذا قول الشاعر
أتوني فلم أرض ما بيتوا   وكانوا أتوني لأمر نكر
قوله { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } لا تقتلهم ولا تحكم عليهم أحكام المشركين ما كانوا إذا لقوك أعطوك الطاعة ولم يظهروا الشرك { وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } فإنه سيكفيكهم { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } لمن توكل عليه { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ } يقول لو تدبروه لم ينافقوا ولآمنوا { وَلَوْ كَانَ } هذا القرآن { مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً } تفسير قتادة قول الله لا يختلف هو حق ليس فيه باطل وإن قول الناس يختلف.

{ وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ } قال قتادة { وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ } من الأمن أي من أن إخوانهم آمنون ظاهرون { أَوِ ٱلْخَوْفِ } يعني القتل والهزيمة { أَذَاعُواْ بِهِ } أي أفشوه { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْهُمْ } أولي العلم منهم { لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } الذين يفحصون عنه ويهمهم ذلك يقول إذا كانوا أعلم بموضع الشكر في النصر والأمن وأعلم بالمكيدة في الحرب { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً } فضل الله الإسلام ورحمته القرآن.

قال يحيى قوله { لاَتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً } فيه تقديم وتأخير يقول لعلمه الذين يستنبطونه منهم إلا قليلا ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا.

قال محمد قيل إن هذه الآية نزلت في جماعة من المنافقين وضعفة من المسلمين كانوا إذا أعلم النبي عليه السلام أنه ظاهر على قوم أو إذا تجمع قوم يخاف من جمع مثلهم أذاع ذلك المنافقون ليحذر من يحبون أن يحذر من الكفار وليقوى قلب من يحبون أن يقوي قلبه وكان ضعفه المسلمين يشيعون ذلك معهم من غير علم منهم بالضرر في ذلك فقال الله { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ } الآية.

{ فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ } أي أخبرهم بحسن ثواب الله في الآخرة للشهداء { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وعسى من الله واجبة { وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً } عذابا { وَأَشَدُّ تَنكِيلاً } عقوبة { مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا } أي حظ { وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا } أي إثم قال الحسن والشفاعة الحسنة ما يجوز في الدين أن يشفع فيه والشفاعة السيئة ما يحرم في الدين أن يشفع فيه { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً } أي مقتدرا في تفسير الكلبي قال محمد وأنشد بعضهم
وذي ضغن كففت النفس عنه   وكنت على مساءته مقيتا