الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُاْ ٱلْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُواْ ٱلْمِحْرَابَ } * { إِذْ دَخَلُواْ عَلَىٰ دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُواْ لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ فَٱحْكُمْ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ وَلاَ تُشْطِطْ وَٱهْدِنَآ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَاطِ } * { إِنَّ هَذَآ أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلْخِطَابِ } * { قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلْخُلَطَآءِ لَيَبْغِيۤ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَٱسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ } * { فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَـآبٍ } * { يٰدَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي ٱلأَرْضِ فَٱحْكُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِٱلْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ ٱلْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ ٱلْحِسَابِ }

{ وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُاْ ٱلْخَصْمِ } خبر الخصم أي أنك لم تعلمه حتى أعلمتك { إِذْ تَسَوَّرُواْ ٱلْمِحْرَابَ } المسجد إلى قوله وأناب تفسير الحسن أن داود جمع عباد بني إسرائيل فقال أيكم كان يمتنع من الشيطان يوما لو وكله الله إلى نفسه فقالوا لا أحد إلا أنبياء الله فكأنه عرض في الهم بشيء فبينما هو يصلي إذا بطائر حسن قد وقع على شرفة من شرف المحراب.

قال يحيى سمعت بعضهم يقول طائر جؤجؤه من ذهب وجناحاه ديباج ورأسه ياقوته حمراء فأعجبه وكان له بني يحبه فلما أعجبه حسنه وقع في نفسه أن يأخذه ويعطيه ابنه قال الحسن فلما انصرف إليه ل فجعل يطير في شرفة إلى شرفة ولا يؤيسه حتى ظهر فوق المحراب وخلف المحراب حائط تغتسل فيه النساء الحيض إذا طهرن لا يشرف على ذلك الحائض أحد إلا من صعد فوق المحراب لا يصعده أحد من الناس قال فصعد داود خلف ذلك الطائر ففاجأته امرأة جاره لم يعرفها تغتسل فرآها فجأة ثم غض بصره عنها وأعجبته فأتى بابها فسأل عنها وعن زوجها قالوا زوجها في أجناد داود فلم يلبث إلا يسيرا حتى بعثه عامله بريدا إلى داود فأتى داود بكتبه ثم انطلق إلى أهله فأخبر أن نبي الله داود أتى بابه فسأل عنه وعن أهله فلم يصل الرجل إلى أهله حتى رجع إلى داود مخافة أن يكون حدث من الله في أهله أمر فأتى داود وقد فرغ من كتبه وكتب إلى عامل ذلك الجند أن يجعله على مقدمة القوم فأراد أن يقتل الرجل شهيدا ويتزوج امرأته حلالا إلا أن النية كانت مدخولة فجعله على مقدمة القوم فقتل ذلك الرجل قال فبينما داود في محرابه والحرس حوله إذ تسور عليه المحراب ملكان في صورة آدميين ففزع منهما فقالا { لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ فَٱحْكُمْ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ وَلاَ تُشْطِطْ } أي لا تجر { وَٱهْدِنَآ } أرشدنا { إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَاطِ } اي إلى قصد الطريق فقال قصا قصتكما فقال أحدهما: { إِنَّ هَذَآ أَخِي } يعني صاحبي { لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا } أي ضمها إلي { وَعَزَّنِي } قهرني { فِي ٱلْخِطَابِ } في الخصومة { قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ }.

قال محمد المعنى مضمومة إلى نعاجه فاختصر مضمومة وإنما سميت نعجة لأنها رخوة النعج في اللغة اللين والنعج أيضا الفتون في العين.

{ وَظَنَّ دَاوُودُ } أي علم قال محمد معنى ظن أيقن إلا أنه ليس بيقين عيان فأما العيان فلا يقال فيه إلا علم.

{ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ } ابتليناه { فَٱسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً } أي ساجدا أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لصلاة مكتوبة يقيمها أو لحاجة لا بد له منها أو لطعام يتبلغ به فأتاه ملك من عند الله فقال يا داود ارفع رأسك فقد غفر الله لك فعلم أن الله قد غفر له ثم أراد أن يعلم كيف يغفر له فقال أي رب كيف تغفر لي وقد قتلته يعني بالنية فقال أستوهبه نفسه فيهبها لي فأغفرها لك.

السابقالتالي
2