الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ ٱلْقِطْرِ وَمِنَ ٱلْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ } * { يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَٱلْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ٱعْمَلُوۤاْ آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ } * { فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ ٱلْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ٱلْغَيْبَ مَا لَبِثُواْ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ }

{ وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ } أي وسخرنا لسليمان الريح { غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ } قال الحسن وكان سليمان إذا أراد أن يركب جاءت الريح فوضع سرير مملكته عليها ووضع الكراسي والمجالس على الريح وجلس وجوه أصحابه على منازلهم في الدين من الجن والإنس يومئذ والجن يومئذ ظاهرة للإنس يحجون جميعا ويصلون جميعا والطير ترفرف على رأسه ورءوسهم والشياطين حرسه لا يتركون أحدا يتقدم بين يديه { وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ ٱلْقِطْرِ } يعني الصفر في تفسير مجاهد سالت له مثل الماء { وَمِنَ ٱلْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ } يعني السخرة التي سخرها الله له { وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا } يعني عن طاعة الله وعبادته { نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ } في الآخرة { يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ } يعني المساجد والقصور في تفسير الكلبي.

قال محمد يقال لأشرف موضع في الدار أو في البيت محراب قوله { وَتَمَاثِيلَ } يعني صورا من نحاس.

قال الحسن ولم تكن الصور يومئذ محرمة { وَجِفَانٍ كَٱلْجَوَابِ } يعني صحافا كالحياض قال محمد الجوابي جمع جابية.

{ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ } أي ثابتات في الأرض عظام لا تحول عن أماكنها { ٱعْمَلُوۤاْ آلَ دَاوُودَ شُكْراً } أي توحيدا قال بعضهم لما نزلت لم يزل إنسان منهم قائما يصلي.

قال { وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ } أي أقل الناس المؤمن { فَلَمَّا قَضَيْنَا } أنزلنا { عَلَيْهِ ٱلْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ } وهي الأرضة في تفسير مجاهد { تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ } أي عصاه قال محمد وأصل الكلمة من قولك نسأت الدابة إذا سقتها فقيل للعصاة منسأة.

وأنشد بعضهم:
إذا دببت على المنساة من كبر   فقد تباعد منك اللهو والغزل
وفيه لغة أخرى { تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ } مهموزة.

قال يحيى مكث سليمان حولا وهو متوكئ على عصاه لا يعلمون أنه مات وذلك أن الشياطين كانت تزعم للإنس أنهم يعلمون الغيب فكانوا يعملون له حولا لا يعلمون أنه مات.

قال { فَلَمَّا خَرَّ } سليمان أي سقط { تَبَيَّنَتِ ٱلْجِنُّ } للإنس { أَن لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ٱلْغَيْبَ مَا لَبِثُواْ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ } يعني الأعمال التي سخرهم فيها.