الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ بِمَآ أَشْرَكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَىٰ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي ٱلأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِيۤ أُخْرَٰكُمْ فَأَثَـٰبَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَآ أَصَـٰبَكُمْ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } * { ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ ٱلْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَىٰ طَآئِفَةً مِّنْكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ ظَنَّ ٱلْجَٰهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ يُخْفُونَ فِيۤ أَنْفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَٰهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ ٱللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }

{ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ } قال الحسن يعني مشركي العرب { بِمَآ أَشْرَكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً } أي حجة بما هم عليه من الشرك { وَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ } أي مصيرهم إلى النار { وَبِئْسَ مَثْوَىٰ ٱلظَّالِمِينَ } منزل الظالمين المشركين { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ } تفسير الحسن وغيره إذا تقتلونهم قال محمد يقال سنة حسوس إذا أتت على كل شيء وجراد محسوس إذا قتله البرد.

{ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ } الآية قال الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رأيتني البارحة كأن علي درعا حصينة فأولتها المدينة فأكمنوا للمشركين في أزقتها حتى يدخلوا عليكم في أزقتها فتقتلوهم فأبت الأنصار من ذلك فقالوا يا رسول الله منعنا مدينتنا من تبع والجنود فنخلي بين هؤلاء المشركين وبينها يدخلونها فليس رسول الله سلاحه فلما خرجوا من عنده أقبل بعضهم على بعض فقالوا ما صنعنا أشار علينا رسول الله فرددنا رأيه فأتوه فقالوا يا رسول الله نكمن لهم في أزقتها حتى يدخلوا فنقتلهم فيها فقال إنه ليس لبني لبس لأمته أي سلاحه أن يضعها حتى يقاتل قال فبات رسول الله دونهم بليلة فرأى رؤيا فأصبح فقال إني رأيت البارحة كأن بقرا ينحر فقلت بقر والله خير وإنه كائنة فيكم مصيبة وإنكم ستلقونهم وتهزمونهم غدا فإذا هزمتموهم فلا تتبعوا المدبرين ".

ففعلوا فلقوهم فهزموهم كما قال رسول الله فأتبعوا المدبرين على وجهين أما بعضهم فقالوا مشركون وقد أمكننا الله من أدبارهم فنقتلهم فقتلوهم على وجه الحسبة وأما بعضهم فقتلوهم لطلب الغنيمة فرجع المشركون عليهم فهزموهم حتى صعدوا أحدا وهو قوله:

{ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ } لقول رسول الله: " إنكم ستلقونهم فتهزمونهم فلا تتبعوا المدبرين " وقوله: { حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ } أي ضعفتم في أمر رسول الله { وَتَنَازَعْتُمْ } اختلفتم فصرتم فرقتين تقاتلونهم على وجهين { وَعَصَيْتُمْ } الرسول { مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ } من النصر على عدوكم { مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا } يعني الغنيمة { وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ } حين لم يستأصلكم { وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ }.

{ إِذْ تُصْعِدُونَ } إلى الجبل { وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ } يعني النبي { وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِيۤ أُخْرَٰكُمْ } جعل يقول إلي عباد الله حتى خص الأنصار فقال يا أنصار الله إلي أنا رسول الله فرجعت الأنصار والمؤمنون { فَأَثَـٰبَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ }.

قال يحيى كانوا تحدثوا يومئذ أن نبي الله أصيب وكان الغم الآخر قتل أصحابهم والجراحات التي فيهم وذكر لنا أنه قتل يومئذ سبعون رجلا ستة وستون من الأنصار وأربعة من المهاجرين.

قال محمد قوله { فَأَثَـٰبَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ } أي جازاكم غما متصلا بغم وقوله { إِذْ تُصْعِدُونَ } تقرأ تصعدون و تصعدون فمن قرأ بضم التاء فالمعنى تبعدون في الهزيمة يقال أصعد في الأرض إذا أمعن في الذهاب وصعد الجبل والسطح.

السابقالتالي
2