الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلآخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِٱلرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمْ ٱسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ } * { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ } * { وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَآ أنَزَلَ ٱللَّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ }

{ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلآخِرَةِ } تفسير الحسن يعني اختاروا الحياة الدنيا على الآخرة { وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِٱلرُّسُلِ } أي أتبعناه بهم { وَآتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ } قال الكلبي يعني الآيات التي كان يريهم عيسى عليه السلام { وَأَيَّدْنَاهُ } أعناه { بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } يعني جبريل عليه السلام قال محمد أصل القدس الطهارة.

{ أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمْ ٱسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ } فلما قال لهم النبي عليه السلام هذا سكتوا وعرفوا أنه وحي من الله عيرهم بما صنعوا فقالوا يا محمد { قُلُوبُنَا غُلْفٌ } لا نعقل ولا نفقه ما تقول وكانت أوعية للعلم فلو كنت صادقا سمعنا ما تقول.

قال محمد تقرأ على وجهين غلف وغلف وأجود القراءتين غلف بتسكين اللام ومعناها ذوات غلف الواحد منها أغلف يقال غلفت السيف إذا جعلته في غلاف فهو سيف أغلف ومنه يقال لمن لم يختتن أغلف فكأنهم قالوا قلوبنا في أوعية مثل قولهم:قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ } [فصلت: 5] ومن قرأ غلف فهو جمع غلاف فيكون معنى هذا أن قلوبنا أوعية للعلم فما لها لا تفهم عنك.

{ وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ } يعني التوراة والإنجيل { وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } قال قتادة كانت اليهود تستنصر بمحمد صلى الله عليه وسلم على كفار العرب كانوا يقولون اللهم أئت بهذا النبي الذي يقتل العرب ويذلهم فلما رأوا أنه من غيرهم حسدوهم وكفروا به قال الله تعالى { فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } قال محمد الاستفتاح ها هنا بمعنى الدعاء والفتاحة أيضا الحكومة يقال فتاحة وفتاحة بكسر الفاء وبضمها وفاتحت الرجل إذا حاكمته { بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ } أي بئس ما باعوا به أنفسهم { أَن يَكْفُرُواْ بِمَآ أنَزَلَ ٱللَّهُ بَغْياً } حسدا { أَن يُنَزِّلُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ }.

قال يحيى وكل شيء في القرآن اشتروا فهو شراء إلا هذه الآية وكل شيء في القرآن شروا فهو بيع قال محمد { بَغْياً } مصدر المعنى كفروا بغيا لأن أنزل الله الفضل على نبيه صلى الله عليه وسلم { فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ } قال قتادة غضب الله عليهم بكفرهم بالإنجيل وغضب عليهم بكفرهم بالقرآن.