الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ثُمَّ بَعَثْنَٰكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقْنَٱكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } * { وَإِذْ قُلْنَا ٱدْخُلُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَٰيَٰكُمْ وَسَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } * { وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ ٱللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ }

{ وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ } قال قتادة سألوا موسى الأبنية وهم في التية في البرية فظلل الله عليهم الغمام قال مجاهد الغمام غير السحاب قال محمد واحد الغمام غمامة وهي عند أهل اللغة البيضاء من السحاب.

{ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ } قال قتادة { ٱلْمَنَّ } كان ينزل عليهم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وكان أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل فيأخذ أحدهم ما يكفيه يومه فإن تعدى ذلك فسد ولم يبق عنده حتى إذا كان يوم سادسهم يعني يوم الجمعة أخذوا ما يكفيهم لذلك اليوم وليوم سابعهم يعني السبت فيبقى عندهم لأن يوم السبت كانوا يعبدون الله جل وعز فيه ولا يشخصون لشيء من الدنيا ولا يطلبونه { وَٱلسَّلْوَىٰ } السماني طائر إلى الحمرة كانت تحشرها عليهم الجنوب فيذبح الرجل ما يكفيه ليومه ذلك فإن تعدى ذلك فسد ولم يبق عنده إلا يوم الجمعة فإنهم كانوا يذبحون ما يكفيهم ليومهم وللسبت.

{ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقْنَٱكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا } أي نقصونا { وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } ينقصون بمعصيتهم.

{ وَإِذْ قُلْنَا ٱدْخُلُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ } إلى قوله { وَسَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ } قال الكلبي لما فصلت بنو إسرائيل من التية ودخلوا إلى العمران فكانوا بجبال أريحا من الأردن قيل لهم ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وكان بنو إسرائيل قد خطئوا خطيئة فأحب الله أن يستنقذهم منها إن تابوا وقال لهم إذا انتهيتم إلى باب القرية فاسجدوا وقولوا حطة نحط عنكم خطاياكم { وَسَنَزِيدُ ٱ ;لْمُحْسِنِينَ } الذين لم يكونوا من أهل تلك الخطيئة إحسانا إلى إحسانهم فأما المحسنون فقالوا الذي أمروا به وأما الذين عصوا فقالوا قولا غير الذي قيل لهم قالوا [هطى سمقا يا ازبة هزبا] بالسريانية قالوها استهزاء وتبديلا لقول الله.

قال الله تعالى: { فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } يعني عذابا من السماء { بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } قال يحيى وبلغني أن ذلك العذاب الطاعون فمات منهم سبعون ألفا ومعنى حطة احطط عنا خطايانا قال محمد وارتفعت بمعنى مسألتنا حطة.

يحيى وأخبرني صاحب لي عن الأعمش عن إبراهيم بن سعد بن مالك عن سعد بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الطاعون بقية رجز وعذاب عذب به من كان قبلكم فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها وإن وقع بأرض ولستم بها فلا تقدموا عليها ".

{ وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ } قال قتادة كان هذا وهم في البرية اشتكوا إلى موسى الظمأ فسقوا من حجر كان موسى عليه السلام يحمله معه من الجبل الطوراني فكانوا إذا نزلوا ضربه موسى بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا لكل سبط عين قال محمد ومعنى السبط في اللغة الجماعة الذين يرجعون إلى أب واحد.

{ كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ ٱللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ } قال قتادة يعني لا تسيروا في الأرض مفسدين.

قال محمد يقال عثي يعثى عثيا وعثى يعثوا عثوا وعاث يعيث عيثا بمعنى واحد وذلك في الإسراع في إفساد الشيء ومن هذا قول عدي ابن الرقاع:
لولا الحياء وإن رأسي قد عثا فيه المشيب لزرت أم القاسم