الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ ٱلْفَٰسِقِينَ } * { ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَٰقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي ٱلأرْضِ أُولَـۤئِكَ هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ } * { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَٰتاً فَأَحْيَٰكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَٰئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }

{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً... } الآية وذلك أن الله لما ذكر في كتابه العنكبوت والنمل والذباب قال المشركون ماذا أراد الله بذكر هذا في كتابه وليس يقرون أن الله أنزله ولكن يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم إن كنت صادقا فماذا أراد الله بهذا مثلا فأنزل الله { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا } أي مثلا بعوضة { مَّا } في هذا الموضع زائدة { فَمَا فَوْقَهَا } يعني فما أكبر منها.

{ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ ٱلْفَٰسِقِينَ } يعني المشركين { ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَٰقِهِ } وهو الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم وتفسيره في سورة الأعراف { وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَْ } قال ابن عباس يعني ما أمر الله به من الإيمان بالنبيين كلهم { وَيُفْسِدُونَ فِي ٱلأرْضِْ } أي يعملون فيها بالشرك والمعاصي { أُولَـۤئِكَ هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ } خسروا أنفسهم أن يغنموها فيصيروا في الجنة فصاروا في النار.

{ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَٰتاً } أي نطفا في أصلبة آبائكم في تفسير قتادة { فَأَحْيَٰكُمْْ } في الأرحام وفي الدنيا { ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُم } يعني البعث.

قال محمد تأويل { كَيْفَ } استفهام في معنى التعجب إنما هو للمؤمنين أي اعجبوا من هؤلاء كيف يكفرون وقد ثبتت حجة الله عليهم؟!

{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُمْْ } سخر لكم { مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ } قال محمد يعني أقبل على خلق السماء كذلك جاء عن الحسن.

يحيى وحدثنا عثمان أن رجلا سأل ابن عباس عن قوله تعالى { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ } وعن قوله عز ذكرهءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً } إلى قولهوَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } [النازعات: 27-30] فقال إنه كان خلق الأرض ثم خلق السموات ثم عاد فحدا الأرض وخلق فيها جبالها وأنهارها وأشجارها ومرعاها.

{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَٰئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً... } الآية تفسير الحسن إن الله أخبر الملائكة إنه جاعل في الأرض خليفة يكون من ولده من يسفك الدماء فيها ويفعل كذا فقالت الملائكة { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَْ } أي نصلي لك في تفسير بعضهم.

قال محمد معنى يسفك يصب تقول سفكت الشيء إذا صببته ومعنى { نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ } أي نبرئك من السوء ونعظمك وكل من عمل خيرا ل أراد الله به فقد سبح الله أي عظمه ومعنى { وَنُقَدِّسُ لَكَ } أي نطهر أنفسنا لك وأصل القدس في اللغة الطهارة.

قال الله عز وجل { إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } تفسير قتادة علم أنه سينشأ من ذلك الخليفة أنبياء ورسل وقوم صالحون.