الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلَـٰلَةَ بِٱلْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } * { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّآ أَضَآءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَٰتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ } * { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } * { أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمَٰتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَٰبِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِم مِّنَ ٱلصَّوَٰعِقِ حَذَرَ ٱلْمَوْتِ وٱللَّهُ مُحِيطٌ بِٱلْكَٰفِرِينَ } * { يَكَادُ ٱلْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَٰرَهُمْ كُلَّمَا أَضَآءَ لَهُمْ مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَٰرِهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلَـٰلَةَ بِٱلْهُدَىٰ } يعني اختاروا الضلالة على الهدى في تفسير الحسن.

{ فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } قال محمد يعني فما ربحوا في تجارتهم.

{ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسْتَوْقَدَ نَاراً } الآية قال الحسن يعني مثلهم كمثل رجل يمشي في ليلة مظلمة في يده شعلة من نار فهو يبصر بها موضع قدميه فبينما هو كذلك إذ أطفئت ناره فلم يبصر كيف يمشي وإن المنافق تكلم بقول لا إله إلا الله فناكح بها المسلمين وحقن دمه وماله فلما كان عند الموت سلبه الله إياها قال يحيى لأنه لم يكن لها حقيقة في قلبه { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ } { صُمٌّ } عن الهدى فلا يسمعونه { بُكْمٌ } عنه فلا ينطقون به { عُمْيٌ } عنه فلا يبصرونه { فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } يعني لا يتوبون من نفاقهم.

{ أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمَٰتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ } هذا مثل آخر ضربه الله مثلا للمنافقين والصيب المطر والظلمات مثل الشدة والرعد مثل التخويف والبرق مثل نور الإسلام وفي المطر الرزق أيضا فضرب الله ذلك مثلا لهم لأنهم كانوا إذا أصابوا في الإسلام رخاء وطمأنينة سروا بذلك في حال دنياهم وإذا أصابتهم شدة قطع بهم عند ذلك فلم يصبروا على بلائها ولم يحتسبوا أجرها { يَجْعَلُونَ أَصَٰبِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِم مِّنَ ٱلصَّوَٰعِقِ حَذَرَ ٱلْمَوْتِ } وهذا كراهية للجهاد { وٱللَّهُ مُحِيطٌ بِٱلْكَٰفِرِينَ } أي هو من ورائهم حتى يخزيهم بكفرهم { يَكَادُ ٱلْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَٰرَهُمْ } حتى أظهروا الإيمان وأسروا الشرك لشدة ضوئه { كُلَّمَا أَضَآءَ لَهُمْ مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْْ } أي بقوا لا يبصرون { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَٰرِهِمْْ } حين أظهروا الإيمان وأسروا الشرك.

قال محمد قوله { أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } معناه أو كأصحاب صيب و { أَوْ } دخلت هذا لغير شك وهي التي يقول النحويون أنها تدخل للإباحة.

والمعنى أن التمثيل مباح لكم في المنافقين إن مثلتموهم بالذي استوقد نارا فذلك مثلهم وإن مثلتموهم بأصحاب الصيب فهو مثلهم ويقال صاب المطر يصوب إذا نزل.