الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَمَّآ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلَٰـقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } * { وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ وٱتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } * { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ ٱنْظُرْنَا وَٱسْمَعُواْ وَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَلاَ ٱلْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَٱللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ }

{ وَلَمَّآ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } يعني محمدا { نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ } أي لا يعملون به { كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أي كأنهم ليس عندهم من الله فيه عهدا.

قوله تعالى: { وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ } يقول نبذوا كتاب الله واتبعوا ما تتلوا الشياطين { عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ } قال محمد { تَتْلُواْ } أي تروي التلاوة والرواية شيء واحد.

قوله { وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ } قال الكلبي لما ابتلى الله عز وجل سليمان عليه السلام بما كان من أمر الشياطين كتبت الشياطين سحرا كثيرا ودفنوه تحت كرسيه ثم لما قبض الله سليمان أتت الشياطين إلى أوليائهم من الإنس فقالوا ألا ندلكم على ما كان سليمان يملك به الإنس وتدين له به الجن وتسخر له به الرياح قالوا بلى قالوا احفروا تحت كرسيه ففعلوا واستخرجوا كتبا كثيرة فلما قرءوها فإذا هي الشرك بالله فقال صلحاء بني إسرائيل معاذ الله من هذا أن نتعلمه وتعلمه سفلة بني إسرائيل وفشت الكلمة لسليمان في بني إسرائيل حتى عذره الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فقال { وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ } يقول اتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان واتبعوا ما أنزل على الملكين { بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ }.

قال قتادة السحر سحران سحر تعلمه الشياطين وسحر يعلمه هاروت وماروت وقال الحسن إن الملكين ببابل إلى يوم القيامة وإن من عزم على تعلم السحر ثم أتاهما سمع كلامهما من غير أن يراهما.

وقال مجاهد عجبت الملائكة من ظلم بني آدم وقد جاءتهم الرسل فقال لهم ربهم اختاروا منكم اثنين أنزلهما يحكمان في الأرض فكانا هاروت وماروت فحكما فعدلا حتى نزلت عليهما الزهرة في صورة أحسن امرأة تخاصم زوجها فافتتنا بها وأراداها على نفسها فطارت الزهرة فرجعت حيث كانت ورجعا إلى السماء فزجرا فاستشفعا برجل من بني آدم فقالا سمعنا ربك يذكرك بخير فاشفع لنا فقال لهما كيف يشفع أهل الأرض لأهل السماء ثم واعدهما يوما يدعو لهما فيه فدعا لهما فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فنظر أحدهما إلى الآخر فقال ألم تعلم أن أفواج عذاب الله في الآخرة كذا وكذا وفي الخلد أيضا فاختارا عذاب الدنيا فهما يعذبان ببابل.

قال محمد وقد ذكر يحيى عن غير مجاهد أن المرأة التي افتتنا بها كانت من نساء أهل الدنيا والله أعلم { وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ } أي بلاء { فَلاَ تَكْفُرْ } قال محمد قوله { فِتْنَةٌ } معناه ابتلاء واختبار وهو الذي أراد يحيى.

قال قتادة أخذ عليهما ألا يعلما أحدا حتى يقولا له { إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ } { فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ } وهو أن يبغض كل واحد منهما إلى صاحبه { وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } قال الحسن من شاء الله سلطهم عليه ومن شاء منعهم منه { وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ } يعني لمن اختاره { مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلَٰـقٍ } يعني نصيبا في الجنة قال قتادة قد علم أهل الكتاب في عهد الله إليهم أن الساحر لا خلاق له عند الله يوم القيامة { وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ } أي ما باعوها به { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } قال الحسن لو كانوا علماء أتقياء ما اختاروا السحر.

السابقالتالي
2