الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ ٱنتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً } * { فَٱتَّخَذَتْ مِن دُونِهِم حِجَاباً فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً } * { قَالَتْ إِنِّيۤ أَعُوذُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً } * { قَالَ إِنَّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً } * { قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً } * { قَالَ كَذٰلِكَ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلْنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً } * { فَحَمَلَتْهُ فَٱنْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً } * { فَأَجَآءَهَا ٱلْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ قَالَتْ يٰلَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً } * { فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً } * { وَهُزِّىۤ إِلَيْكِ بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً }

{ وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ } يقول للنبي اقرأ عليهم أمر مريم { إِذِ ٱنتَبَذَتْ } يعني إذ انفردت { مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً } إلى قوله { تَقِيّاً } كا زكريا كفل مريم وكانت أختها تحته وكانت تكون في المحراب فلما أدركت كانت إذا حاضت أخرجها إلى منزله إلى أختها وإذا طهرت رجعت إلى المحراب فطهرت مرة فلما فرغت من غسلها قعدت في مشرفة في ناحية الدار وعلقت عليها ثوبا سترة فجاء جبريل إليها في ذلك الموضع في صورة آدمى فلما رأته قالت { قَالَتْ إِنِّيۤ أَعُوذُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً } قال الحسن تقول إن كنت تقيا لله فاجتنبني { قَالَ إِنَّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً } أي صالحا { قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ } من أين يكون { لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ } أي يجامعني زوج { وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً } أي زانية { قَالَ كَذٰلِكَ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ } أن أخلقه { وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلْنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا } أي لمن قبل دينه { وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً } يعني كان عيسى أمرا من الله مكتوبا في اللوح المحفوظ أنه يكون فأخذ جبريل جيبها بأصبعه فنفخ فيه فصار إلى بطنها فحملت قال الحسن حملته تسعة أشهر في بطنها { فَٱنْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً } أي انفردت به في مكان شاسع { فَأَجَآءَهَا ٱلْمَخَاضُ } قال مجاهد يعني ألجأها.

قال محمد وأصل الكلمة من المجيء يقال جاءت بي الحاجة إليك وأجاءتني الحاجة إليك قال زهير:
وجار سار معتمدا عليكم   أجاءته المخافة والرجاء
والمخاض دنو الولادة يقال مخضت المرأة ومخضت.

{ قَالَتْ يٰلَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً } قال قتادة تعني شيئا لا يعرف ولا يذكر قالت هذا مما خشيت من الفضيحة.

قال محمد النسي في كلام العرب أصله الشيء الحقير الذي إذا ألقي نسي غفلة عنه.

{ فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ } قال قتادة كنا نحدث أنه جبريل قال يحيى وقال بعضهم { فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ } يعني عيسى.

قال محمد لم يبين لنا يحيى كيف القراءة في قوله من تحتها وذكر أبو عبيد أنها تقرأ من تحتها بكسر الميم والتاء التي بعد الحاء وتقرأ أيضا بفتحهما فمن قرأ بالكسر فتأويلها أن جبريل ناداها ومن قرأها بالفتح فتأويلها عيسى هو الذي ناداها.

{ أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً } السري الجدول وهو النهر الصغير { وَهُزِّىۤ إِلَيْكِ بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً } أي حين اجتني وكان الجذع يابسا.