الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } * { قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَٰحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً } * { فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } * { قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً } * { أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً } * { وَأَمَّا ٱلْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً } * { فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَـاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً } * { وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً }

{ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } { قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَٰحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً } أي قد أعذرت فيما بيني وبينك { فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ } أي يسقط (وينهدم).

قال محمد الجدار ل يكون هذا على التشبيه ومثل هذا مستفيض في كلام العرب وأشعارها قال الراعي:
قلق الفئوس إذا أردن نصولا   في مهمة قلقت به هاماتها
قوله { قَالَ لَوْ شِئْتَ } موسى قاله { لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } أي ما يكفينا اليوم { قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ } قال محمد المعنى هذا فراق اتصالنا.

{ أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم } أي أمامهم { مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً } وهي في بعض القراءة كل سفينة صالحة.

قال محمد يكون وراء بمعنى بعد وهو قولهوَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ } [إبراهيم: 17] ومنه قول النابغة:
وليس وراء الله للمرء مذهب   حلفت فلم أترك لنفسك ريبة
أي ليس بعد مذاهب الله للمرء مذهب.

وتكون بمعنى أمام ومن هذا قول القائل:
كذبت لتقصرن يداك عني   أتوعدني وراء بني رياح
يريد أمام بني رياح.

قوله { وَأَمَّا ٱلْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ } قال قتادة وفي بعض القراءة فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين.

{ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً } قال محمد ومعنى يرهقهما أي يحملهما على الرهق وهو الجهل.

{ فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَـاةً } في التقوى { وَأَقْرَبَ رُحْماً } أي برا في تفسير الحسن قال محمد الرحم في اللغة العطف والرحمة.

{ وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا } قال الحسن وقتادة أي مال { فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا } إلى قوله { وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي } أي إنما فعلته عن أمر الله { ذَلِكَ تَأْوِيلُ } تفسير { مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً }.

قال محمد الأشد يختلف فأشد الغلام أن يشتد خلقه ويتناهى في النبات يقال ذلك ثماني عشرة سنة وأشد الرجل الاكتهال وأن يشتد رأيه وعقله وذلك ثلاثون سنة ويقال ثمان وثلاثون سنة.

ونصبت رحمة أي فعلنا ذلك رحمة ويجوز أن يكون على المصدر بمعنى رحمهما بذلك رحمة.

قال يحيى بلغني أنهما لم يتفرقا حتى بعث الله طائرا فطار إلى المشرق ثم طار إلى المغرب ثم طار نحو السماء ثم هبط إلى البحر فتناول من ماء البحر بمنقاره وهما ينظران فقال الخضر لموسى أتعلم ما يقول هذا الطائر يقول ورب المشرق ورب المغرب ورب السماء السابعة ورب الأرض السابعة ما علمك يا خضر وعلم موسى في علم الله إلا قدر هذا الماء الذي تناولته من البحر في البحر.

وذكر لنا أن نبي الله قال إنما سمي الخضر لأنه قعد على قردد بيضاء فاهتزت به خضراء.