الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ سَرَباً } * { فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَٰهُ آتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَباً } * { قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلْحُوتَ وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ ٱلشَّيْطَٰنُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ عَجَباً } * { قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَٱرْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصاً } * { فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً } * { قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً } * { قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } * { وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً } * { قَالَ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْراً } * { قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً } * { فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً } * { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } * { قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً } * { فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً }

{ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ } يعني الحوت { فِي ٱلْبَحْرِ سَرَباً }.

قال محمد سربا يعني مذهبا ومسلكا وهو مصدر المعنى نسيا حوتهما فجعل الحوت طريقه في البحر ثم بين كيف ذلك فكأنه قال سرب يسرب سربا.

قال يحيى ذكر لنا أن موسى لما قطع البحر وأنجاه الله من آل فرعون جمع بني إسرائيل فخطبهم فقال أنتم اليوم خير أهل الأرض وأعلمهم قد أهلك الله عدوكم وأقطعكم البحر وأنزل عليكم التوراة قال فقيل له إن ها هنا رجلا هو أعلم منك فانطلق هو وفتاه يوشع يطلبانه وتزودا سمكة مملوحة في مكتل لهما وقيل لهما إذا نسيتما بعض ما معكما لقيتما رجلا عالما يقال له خضر.

قال يحيى وذكر بعضهم أن موسى وفتاه لما أويا إلى الصخرة على ساحل البحر باتا فيها وكان عندها عين ماء فأكلا نصف الحوت وبقي نصفه فأدنى فتاه المكتل من العين فأصاب الماء الحوت فعاد فانسرب ودخل في البحر ومضى موسى وفتاه.

{ فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَٰهُ آتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَباً } أي شدة { قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلْحُوتَ } { وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ عَجَباً } موسى تعجب من أثر الحوت في البحر { قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ } أي ذلك حيث أمرت أن أجد خضرا { فَٱرْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصاً } أي رجعا حتى أتيا الصخرة.

قال محمد المعنى رجعا في الطريق الذي سلكاه يقصان الأثر قصصا قال فاتبعا الأثر في البحر وكان الحوت حيث مر جعل يضرب بذنبه يمينا وشمالا في البحر فجعل كل شيء يضربه الحوت بذنبه ييبس فصار كهيئة طريق في البحر فاتبعا أثره حتى إذا خرجا إلى جزيرة فإذا هما بالخضر في روضة يصلي فأتياه من خلفه فسلم عليه موسى فأنكر الخضر التسليم في ذلك الموضع فرفع رأسه فإذا هو بموسى فعرفه فقال وعليك السلام يا نبي بني إسرائيل فقال موسى وما يدريك أني نبي بني إسرائيل قال أدراني بذلك الذي أدراك بي { قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً * قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً }.

{ فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ } موسى { أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً } أي عظيما من المنكر { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } وكان موسى ينكر الظلم قال له موسى { قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ } يعني ذهب مني ذكره { وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً }.

قال محمد { تُرْهِقْنِي } معناه تعنتني أي عاملني باليسر لا بالعسر.

{ فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً } أي لم تذنب { بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً }.