الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العزيز/ ابن أبي زمنين (ت 399هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ } * { فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ } * { هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ وَرُدُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } * { كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُوۤاْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }

{ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } يعني المشركين وأوثانهم جميعا { ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ } يعني الأوثان { فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ } بالسيئات يعني المشركين على حدة والأوثان على حدة { وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ } الأوثان تقول هذا للمشركين ما كانت عبادتكم إيانا عن دعاء كان منا لكم وإنما دعاكم إلى عبادتنا الشيطان.

قال محمد يجوز النصب في قوله عز وجل { مَكَانَكُمْ } على الأمر كأنهم يقال لهم انتظروا مكانكم حتى يفصل بينكم وهي كلمة جرت على الوعيد تقول العرب مكانك تتوعد بذلك.

وقوله عز وجل { فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ } أي ميزنا يقال أزلت الشيء من الشيء أزيله أي مزته منه أميزه.

{ فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا } لقد كنا { عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ } قال الحسن يحشر الله عز وجل الأوثان المعبودة في الدنيا بأعيانها فتخاصم من كان عبدها { هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ } قال مجاهد يعني تختبر ثواب ما أسلفت في الدنيا وهي تقرأ على وجه آخر تتلو أي تتبع.

قال ابن مسعود هذا في البعث ليس أحد كان يعبد شيئا من دون الله عز وجل إلا وهو مرفوع له { وَرُدُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ } ربهم الحق والحق اسم من أسماء الله عز وجل.

ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم { قُلْ } لهم { مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } وهو على الاستفهام { أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ } أي يذهبها أو يبقيها { وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ } قال مجاهد يعني يخرج الناس الأحياء من النطف والنطف من الناس الأحياء والأنعام مثل ذلك والنبات مثل ذلك.

وقال الحسن يعني يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن { وَمَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ } فيما يحيي ويميت ويقبض ويبسط { فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } وأنتم تقرون بالله عز وجل أنه هو الذي يفعل هذه الأشياء ثم لا تتقونه وتعبدون هذه الأوثان من دونه.

{ فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ } يعني أن أوثانكم ضلال وباطل { فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } فكيف تصرف عقولكم فتعبدون غيره.

{ كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ } أي سبق قضاؤه { عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُوۤاْ أَنَّهُمْ } بأنهم { لاَ يُؤْمِنُونَ } يعني الذين يلقون الله بشركهم.