الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ ذٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } * { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ }

تقدم في الآية (29) السابقة لهذه الآيات إن أهل الكتاب المراد بهم اليهود والنصارى لا يؤمنون بالله تعالى على الوجه الحق الذي جاءت به رسله من توحيد وتنزيه لذاته وصفاته - ولا باليوم الآخر على الوجه الصحيح من أن الناس يبعثون بشرا كما كانوا في الدنيا، أي أجسادا وأرواحاً، وأنهم يجزون بإيمانهم وأعمالهم، وعليها مدار سعادتهم وشقائهم، لا على أشخاص الأنبياء والصديقين - ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله إلى كل منهم إيماناً وإذعانا وعملا - ولا يدينون دين الحق. أي إنما يتبعون تقاليد وجدوا عليها آباءهم وأحبارهم ورهبانهم - فلما بين تعالى هذا في سياق قتالهم وما ينتهى به إذا لم يؤمنوا بما جاء به رسول الله وخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم وهو أداء الجزية بشرطها - عطف عليه ما يبين مبهمه، ويفصل مجمله، ويبين غايته، وهو هذا الآيات الأربع فقال عز وجل:

{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ } إلخ نبدأ في تفسير هذه الآية بذكر شيء من تاريخ عزير هذا ومكانته عند القوم ثم ببيان من سموه ابن الله من اليهود، ونقفي على ذلك بذكر قول النصارى: المسيح ابن الله وتفنيده، ثم من قال بمثل هذا القول من الوثنيين القدماء وهو من معجزات القرآن: وقد تقدم هذا مفصلا في تفسير سورتي النساء والمائدة.

عزير هذا هو الذي يسميه أهل الكتاب (عزرا) والظاهر إن يهود العرب هم الذين صغروا بالصيغة العربية للتحبيب وصرفوه وعنهم أخذ المسلمون والتصرف في أسماء الأعلام المنقولة من لغة إلى أخرى معروف عند جميع الأمم، حتى إن اسم يسوع قلبته العرب فقالت عيسى. وهو كما في أول الفصل السابع من السفر المعروف باسمه عزرا ابن سرايا أن عزريا بن حلقيا - وساق نسبه إلى العازار بن هارون عليه السلام.

جاء في دائرة المعارف اليهودية الإنكليزية (طبعة 1903) إن عصر عزرا هو ربيع التاريخ الملي لليهودية الذي تفتحت فيه أزهاره وعبق شذا ورده. وأنه جدير بأن يكون هو ناشر الشريعة (وفي الأصل عربة أو مركبة الشريعة) لو لم يكن جاء بها موسى (التلمود 21 ب) فقد كانت نسيت ولكن عزرا أعادها أو أحياها ولولا خطايا بني إسرائيل لاستطاعوا رؤية الآيات (المعجزات) كما رأوها في عهد موسى اهـ وذكر فيها أنه كتب الشريعة بالحروف الأشورية وكان يضع علامة على الكلمات التي يشك فيها - وإن مبدأ التاريخ اليهودي يرجع إلى عهده.

وقال الدكتور جورج بوست في قاموس الكتاب المقدس: عزرا (عون) كاهن يهودي وكاتب شهير سكن بابل مدة ملك (ارتحششتا) الطويل الباع، وفي السنة السابعة لملكه أباح لعزرا بأن يأخذ عدداً وافراً من الشعب إلى أورشليم نحو سنة 457 ق.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد