الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ) مصنف و مدقق


{ وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن ٱلْعَالَمِينَ } * { إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } * { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوهُمْ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } * { فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } * { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَراً فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ }

قصة لوط عليه السلام

خير ما يعرف به لوط عليه السلام أنه ابن أخي إبراهيم خليل الرحمن (صلى الله على نبينا وعليهما وسلم) كما في كتب الأنساب العربية وسفر التكوين وفيه أن اسم والده (حاران) وأنه ولد في (أور الكلدانيين) وهي في طرف الجانب الشرقي من جنوب العراق الغربي من ولاية البصرة - وكانت تلك البقعة تسمى أرض بابل. وأنه بعد موت والده سافر مع عمه إبراهيم صلى الله عليهما وسلم إلى ما بين النهرين الذي كان يسمى جزيرة قورا ومنه ما يسمى الآن بجزيرة ابن عمر وهو مكان تحيط به دجلة فقط (وهنالك كانت مملكة أشور) فإلى أرض كنعان من سورية. ثم أسكنه إبراهيم في شرق الأردن باختياره لها لجودة مراعيها، وكان في ذلك المكان - المسمى بعمق السديم بقرب البحر الميت الذي سمي ببحر لوط أيضاً - القرى أو المدن الخمس: سدوم وعمورة وأدمة وصبوبيم وبالع التي سميت بعد ذلك صوغر لصغرها، فسكن لوط عليه السلام في عاصمتها سدوم التي كانت تعمل الخبائث، ولا يعلم أحد الآن أين كانت تلك القرى من جوار بحر لوط إذ لو لم يوجد من الآثار ما يدل عليها، فمن المؤرخين من يظن أن البحر غمر موضعها ولا دليل على ذلك. وكانت عمورة تلي سدوم في الكبر وفي الفساد، وهما اللتان يحفظ اسمهما الناس إلى الآن.

واسم لوط مصروف وإن كان أعجمياً لكونه ثلاثياً ساكن الوسط كنوح، وقال بعض المفسرين إنه عربي من مادة لاط الشيء بالشيء لوطاً أي لصق به، ولكن بعض أهل الكتاب يقول إن معنى كلمة لوط بالعبرانية " ستر " فهي من الكلمات التي تختلف معنى مادتها العربية عن مادتها العبرية والسريانية أختي العربية الصغريين، على أنه يقرب منه فإن اللصوق ضرب من الستر. ويراجع ما ذكرناه في لغة إبراهيم في تفسير الآية (74 س 6) (ج7) قال تعالى:

{ وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ } النسق الذي قبل هذا يقتضي أن يكون المعنى: وأرسلنا لوطاً - ولكن حذف هنا متعلق الإرسال وركنه الأول وهو توحيد العبادة للعلم به مما قبله ومما ذكر في غير هذه السورة أي أرسلناه في الوقت الذي أنكر على قومه فعل الفاحشة فيما بلغهم من دعوى الرسالة، وقيل إن لوطاً منصوب بفعل مقدر، أي واذكر لوطاً إذ قال لقومه موبخاً لهم: أتفعلون الفعلة البالغة منتهى القبح والفحش؟ { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن ٱلْعَالَمِينَ } بل هي من مبتدعاتكم في الفساد، فأنتم فيها قدوة سوء فعليكم وزرها ومثل أوزار من يتبعكم فيها إلى يوم القيامة. فالجملة استئناف نحوي أو بياني يؤكد التوبيخ ببيان إنه فساد مخالف لمقتضى الفطرة ولهداية الدين معاً، والباء في قوله: { بِهَا } للتعدية أو الملابسة أو الظرفية - أقوال.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد