الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَماَّ سَكَتَ عَن مُّوسَى ٱلْغَضَبُ أَخَذَ ٱلأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ }

ثمّ قصّ تعالى علينا ما كان من أمر موسى بعد غضبه فقال: { وَلَماَّ سَكَتَ عَن مُّوسَى ٱلْغَضَبُ أَخَذَ ٱلأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ } السكوت في أصل اللغة ترك الكلام فهو هنا مجاز تشبيه أو تمثيل مبني على تصوير الغضب بشخص ذي قوّة ورئاسة يأمر وينهى فيطاع.

قال الزمخشري: هذا مثل كأنّ الغضب كان يغريه على ما فعل ويقول له قلّ لقومك كذا، وألق الألواح، وجرّ برأس أخيك إليك، فترك النطق بذلك وقطع الإغراء.

قال: ولم يستحسن هذه الكلمة كلّ ذي طبع سليم وذوق صحيح إلاّ لذلك ولأنه من قبيل شعب البلاغة، وإلاّ فما لقراءة معاوية بن قرّة " ولما سكن عن موسى الغضب " (وهي من الشواذ) لا تجد النفس عندها شيئاً من تلك الهزّة، وطرفاً من تلك الروعة اهـ.

والمعنى أنّه لمّا سكن غضب موسى بإعتذار أخيه ولجأ إلى رحمة الله وفضله يدعو ربّه بأنّ يغفر لهما عاد إلى الألواح التي ألقاها فأخذها، وفي نسختها - أي: ما نُسخ وكُتب منها فهي من النسخ كالخطبة من الخطاب - هدى وإرشاد من الخالق سبحانه للذين يرهبون ربّهم ويخشون عقابه بالفعل أو بالإستعداد أو يرهبون ما يغضب ربّهم من الشرك والمعاصي.