الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ بِآيَٰتِنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَقَالَ مُوسَىٰ يٰفِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { حَقِيقٌ عَلَىٰ أَنْ لاَّ أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ } * { وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } * { يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } * { قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } * { يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ }

قصّة موسى عليه الصلاة والسلام

هو موسى بن عِمران بكسر العين وأهل الكتاب يضبطون اسم والده بالميم في آخره (عمرام) وبفتح أوله، وجميع الأمم القديمة والحديثة تتصرّف في نقل الأسماء من لغات غيرها إلى لغتها.

ومعنى كلمة " موسى " المنتاش من الماء أي الذي أنقذ منه، وروى أبو الشيخ عن ابن عباس أنّه قال: إنّما سمي موسى لأنّه ألقي بين ماء وشجر، فالماء بالقبطية " مو " والشجر " سى ". وذلك أن أمه وضعته بعد ولادته في تابوت (صندوق) أقفلته إقفالاً محكماً وألقته في اليم (بحر النيل) خوفاً من فرعون وحكومته أن يعلموا به فيقتلوه إذ كانوا يذبحون ذكور بني إسرائيل عند ولادتهم، ويتركون إناثهم - وقالت لأخته قصيه أي تتبعيه لتعلم أين ينتهي ومن يلتقطه، حتى لا يخفى عليها أمره، فما زالت أخته تراقب التابوت على ضفاف اليم حتى رأت آل فرعون ملك مصر يلتقطونه إلى آخر ما قصه الله تعالى من خبره في سورة القصص.

وقد ذكرت قصّته في عدة سور مكية بين مطولة ومختصرة أولها هذه السورة (الأعراف) فهي أوّل السور المكية في ترتيب المصحف التي ذكرت فيها قصّته، ومثلها في استقصاء قصّته طه والشعراء ويليها سائر الطواسين الثلاثة (النمل والقصص) وقد ذكر بعض العبر من قصّته في سور أخرى كيونس وهود والمؤمنين، وذكر اسمه في سور كثيرة غيرها بالإختصار ولا سيّما المكية وتكرر ذكره في خطاب بني إسرائيل من سورة البقرة المدنية وذكر في غيرها من الطول والمئين والمفصل حتى زاد ذكر اسمه في القرآن على 130 مرّة فلم يذكر فيه نبي ولا ملك كما ذكر اسمه.

وسبب ذلك أن قصّته أشبه قصص الرسل عليهم السلام بقصة خاتمهم محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله من حيث أنّه أوتي شريعة دينية دنيوية، وكوّن الله تعالى به أمّة عظيمة ذات ملك ومدنية، وسنبين ما فيها وفي غيرها من حكم التكرار واختلاف التعبير في مواضعها إن شاء الله تعالى.

قال الله تعالى: { ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ بِآيَٰتِنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ } هذه القصة معطوفة على جملة ما قبلها من القصص من قوله تعالى:لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً } [الأعراف: 59] إلى قوله:وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً } [الأعراف: 85] - القصة، فهي نوع وهن نوع آخر، والفرق بين النوعين أن تلك القصص متشابهة في تكذيب الأقوام فيها لرسلهم ومعاندتهم إياهم وإيذائهم لهم، وفي عاقبة ذلك بإهلاك الله تعالى إياهم بعذاب الإستئصال. ولذلك عطف كلّ واحدة منهن على الأولى بدون إعادة ذكر الإرسال للإيذان بأنها نوع واحد فقال:وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً } [الأعراف: 65]،وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً } [الأعراف: 73]

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد