الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّيۤ أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَكَذَلِكَ نُرِيۤ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلْمُوقِنِينَ } * { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلْلَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لاۤ أُحِبُّ ٱلآفِلِينَ } * { فَلَمَّآ رَأَى ٱلْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّالِّينَ } * { فَلَماَّ رَأَى ٱلشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّآ أَفَلَتْ قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } * { إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }

بدأ الله سبحانه هذه السورة بعد حمد نفسه ببيان أصول الدين ومحاجة المشركين، فبين إستحقاقه للعبادة وحده وإشراكهم به وتكذيبهم بالآيات التي أيد بها رسوله ورد ما لهم من الشبهة على الرسالة، ثم لقن رسوله طوائف من الآيات البينات في إثبات التوحيد والرسالة والبعث مبدوءة بقوله له (قل. قل) ثم أمره في هذه الآيات بالتذكير بدعوة أبيه إبراهيم عليهما الصلاة والسلام إلى مثل ما دعا إليه من التوحيد وتضليل عبدة الأصنام وما أراه الله من ملكوت السماوات والأرض وما إستنبطه هو منه من آيات التوحيد وبطلان الشرك وإقامة الحجة على أهله، تأييداً لمصداق دعوته في سلالة ولده إسماعيل، عليهم الصلاة والتسليم. ولإبراهيم المكانة العليا من إجلال الأمة العربية كما أن اليهود والنصارى متفقون على إجلاله. وإننا نقدم لتفسير الآية مقدمة في أصل إبراهيم ومسألة كفر أبيه آزر وحكمة الله تعالى فيما قصه عنه فنقول:

مقدمة في أصل إبراهيم عليه الصلاة والسلام ومسألة كفر أبيه

إبراهيم: هو إسم العلم لخليل الرحمن، أبي الأنبياء الأكبر من نوح عليهم الصلاة والسلام، ويؤخذ من سفر التكوين - وهو السفر الأول من أسفار العهد العتيق - إنه العاشر من أولاد سام بن نوح، وإنه ولد في (أور الكلدانيين) وهي بلدة من بلاد الكلدان.

و " أور " بضم الهمزة وسكون الواو، ومعناها في الكلدانية النور أو النار كما قالوا. قيل هي البلدة المعروفة الآن بإسم (أورفا) في ولاية حلب كما رجح بعض المؤرخين، وقيل غيرها من البلاد الواقعة في جزيرة العراق - بين النهرين - وفي أقطار العالم القديم بلاد ومواقع كثيرة مبدؤة أسماؤها بكلمة (أور) واقعة مع ما بعدها موقع المضاف من المضاف إليه، وأشهرها (أورشليم) لمدينة القدس، قالوا إن معناها ملك السلام، أو إرث السلام، فشليم بالعبرية هي السلام بالعربية.

وفي بعض التواريخ العربية أنه من قرية اسمها (كوثي) من سواد الكوفة. وكان اسم إبراهيم (أبرام) بفتح الهمزة، وقالوا إن معناه (أبو العلاء) فهو مركب من كلمة أب العربية السامية مضافة إلى ما بعدها.

وفي سفر التكوين أن الله تعالى ظهر له في سن التاسعة والتسعين من عمره وكلّمه وجدد عهده له بأن يكثر نسله ويعطيه أرض كنعان (فلسطين) ملكاً أبدياً وسماه لذريته (إبراهيم) بدل (أبرام) وقالوا إن معنى إبراهيم (أبو الجمهور) العظيم أي أبو الأمة. وهو بمعنى تبشير الله تعالى إياه بتكثير نسله من إسماعيل ومن إسحاق عليهم الصلاة والسلام، ولا ينافي ذلك كسر همزته، فقد علم أن أصلها الفتح، وأن إب المكسورة في إبراهيم هي أب المفتوحة في أبرام. فالجزء الأول منه عربي والثاني كلداني أو من لغة أخرى من فروع السامية أخوات العربية التي هي أعظمها وأوسعها حتى جعلها بعض علماء اللغات هي الأصل والأم لسائر تلك الفروع السامية كالعبرية والسريانية.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد