الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَٱحْفَظُوۤاْ أَيْمَانَكُمْ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال لما نزلت:يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمْ } [المائدة: 87] في القوم الذين كانوا حرموا النساء واللحم على أنفسهم قالوا: يا رسول الله! كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها؟ فأنزل الله تعالى: { لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ }.

وأخرج أبو الشيخ عن يعلى بن مسلم قال سألت سعيد بن جبير عن هذه الآية... قال: إقرأ ما قبلها، فقرأتيٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمْ } [المائدة: 87] - إلى قوله - { لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ } قال: اللغو أن تحرم هذا الذي أحل الله لك وأشباهه، تكفر عن يمينك ولا تحرمه، فهذا اللغو الذي لا يؤاخذكم به، ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان، فإن مت عليه أوخذت به.

وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير { لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ } قال هو الرجل يحلف على الحلال أن يحرمه فقال الله { لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ } أن تتركه وتكفر عن يمينك { وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلأَيْمَانَ } قال: ما أقمت عليه. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد { لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ } قال هما الرجلان يتبايعان يقول أحدهما: والله لا أبيعك بكذا. - ويقول الآخر: والله لا أشتريه بكذا.

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن إبراهيم قال: اللغو أن يصل الرجل كلامه بالحلف: والله لتجيئنَّ، والله لتأكلن، والله لتشربن - ونحو هذا، لا يريد به يميناً ولا يتعمد به حلفاً، فهو لغو اليمين ليس له كفارة.

أورد ذلك السيوطي في الدر المنثور. وأصح منه وأظهر في تفسيره ما أورده في تفسير هذه الجملة في سورة البقرة عن مالك في الموطاءِ والشافعي في الأم والبخاري ومسلم في صحيحيهما والبيهقي في سننه وأشهر مصنفي التفسير المأثور من حديث عائشة قالت: أنزلت هذه الآية { لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ } في قول الرجل: لا والله و- بلى والله و- كلا والله. زاد ابن جرير: يصل بها كلامه. وفي رواية له ولغيره عنها: هو القوم يتدارءون في الأمر يقول هذا: لا والله، ويقول هذا: كلا والله - يتدارءون في الأمر، لا تعقد عليه قلوبهم. وفي هذا المعنى عدة روايات عن غيرها من علماء الصحابة كابن عباس وابن عمر.

الصحيح الذي تشهد له اللغة في تفسير { لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ } هو قول عائشة وعليه جرينا في تفسير آية البقرة. وقد لخص الأقوال المأثورة في اللغو الحافظ ابن كثير وبدأ بالقول الراجح وهو قول الرجل في الكلام من غير قصد: لا والله، وبلى والله.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد