الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ مِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَٱحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَمْ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآءُوكَ فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ } * { وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ ٱلتَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ ٱللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ }

أخرج أحمد والبخاري ومسلم عن ابن عمر قال: " إن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم برجل منهم وامرأة قد زنيا، فقال: ما تجدون في كتابكم؟ قالوا: تسخّم وجوههما ويخزيان، قال: كذبتم إن فيها الرجم { فَأْتُواْ بِٱلتَّوْرَاةِ فَٱتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [آل عمران: 93] فجاؤا بالتوراة وجاؤا بقارئ لهم " - وفي رواية أحمد زيادة: " أعور يقال له ابن صوريا - فقرأ حتى إذا أتى إلى موضع منها وضع يده عليه، فقيل له: ارفع يدك، فرفع يده فإذا هي تلوح (أي آية الرجم) فقالوا: يا محمد إن فيها الرجم ولكنا كنا نتكاتمه بيننا فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما " فلقد رأيته يجنأ عليها (أي ينحني) يقيها الحجارة بنفسه.

ولفظ مسلم: نسوّد وجوههما (وهو بمعنى التسخيم هنا، والتحميم في رواية أخرى، فالأول من السخام وهو سواد القدر، والثاني من الحمة وهي الفحمة) ونحملهما ونخالف بين وجوههما، أي نزكيّهما ونجعل وجوههما إلى مؤخر الدابة - وهو المراد من الخزي أي الفضيحة. وفيها إن الذي أمر القاريء إن يرفع يده هو عبد الله بن سلام.

وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي والنحاس في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وغيرهم عن البراء بن عازب. قال: " مرّ علّى النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي محمّما مجلودا، فدعاهم فقال: أهكذا تجدون حدّ الزاني في كتابكم؟ قالوا: نعم، فدعا رجلا من علمائهم فقال: أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حدّ الزاني في كتابكم؟ قال: اللهم لا. ولولا إنك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجد حدّ الزاني في كتابنا الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا، فكنّا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحدّ، فقلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم، " اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه " وأمر به فرجم " ، فأنزل الله: { يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ } - إلى قوله - { إِنْ أُوتِيتُمْ هَـٰذَا فَخُذُوهُ } يقول: ائتوا محمدا فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم، فاحذروا. فأنزل الله عز وجللَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ } [المائدة: 44] -وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } [المائدة: 45] -وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } [المائدة: 47] قال هي في الكفار كلها*

هذا أصح ما ورد في سبب نزول الآيات. وهاك تفسيرها:

{ يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ } الخطاب بوصف الرسول تشريف للنبي صلى الله عليه وسلم ولم يرد إلاّ في هذا الموضع وفي موضع آخر من هذه السورة وسيأتي، ومثله

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9