الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي ٱلصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ } * { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ وَلاَ ٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَلاَ ٱلْهَدْيَ وَلاَ ٱلْقَلاۤئِدَ وَلاۤ آمِّينَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَٱصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

الوفاء والإيفاء، هو الإتيان بالشيء وافياً تاماً لا نقص فيهوَأَوْفُوا ٱلْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ } [الإسراء: 35]وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ } [النحل: 91] ويقال لمن لم يوف الكيل أخسر الكيل - وكذا الميزان - ولمن لم يوف العهد غدر ونقض، ولكل كلمة موضع.

(والعقود): جمع عقد بالفتح، وهو مصدر استعمل اسماً فجمع، ومعناه في الأصل ضد الحلّ، وقال الراغب: العقد الجمع بين أطراف الشيء، (أي وربط بعضها ببعض) ويستعمل في الأجسام الصلبة كعقد الحبل وعقد البناء، ثم يستعار ذلك للمعاني نحو عقد البيع والعهد وغيرهما اهـ. ومنه عقدة النكاح. وفسّروه في الآية بالعهد، وهو ما يعهد إليك لأجل حفظه، ويطلب منك القيام به، يقال عقد اليمين وعقد النكاح أبرمهوَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَٰنُكُمْ } [النساء: 33] وعقد البيع، وعقدوا الشركة. ويقال عاقدته وعاهدته وتعاقدنا وتعاهدنا. وعهد الله كل ما عهد إلى عباده حفظه والقيام به أو التلبس به من اعتقاد وأمر ونهي. وما يتعاقد الناس عليه من العهود هو أوثقها وآكدها، فالعقد أخص من العهد. و (البهيمة): ما لا نطق له، وذلك لما في صوته من الابهام، لكن خص في التعارف بما عدا السباع والطير، قاله الراغب: وروي عن الزجاج إن البهيمة من الحيوان ما لا عقل له مطلقا. وفي القاموس: البهيمة كل ذات أربع قوائم ولو في الماء، أو كل حي لا يميّز، جمعه بهائم اهـ.

و { ٱلأَنْعَامِ }: هي الإبل والبقر: العراب والجواميس. والغنم: الضأن والمعز. وإضافة بهيمة إلى الأنعام للبيان عند الجمهور " كشجر الاراك " أي أحل لكم أكل البهيمة من الأنعام. وذهب بعضهم إلى إن الإضافة على معنى التشبيه، أي أحلت لكم البهيمة المشابهة للأنعام، قيل في الاجترار وعدم الانياب، والأولى إن يقال إن وجه الشبه المقتضي للحل، هو كونها من الطيبات التي هي الأصل في الحل.

و { ٱلْحَرَامَ }: بضمتين، جمع حرام، وهو المحرّم بالحج أو العمرة. و { شَعَآئِرَ ٱللَّهِ }: معالم دينه ومظاهره، وغلب في مناسك الحج، واحدها شعيرة واشتقاقه من الشعور.

و { ٱلْهَدْيَ }: جمع هدية، كجدي جمع جدية لحشية السرج والرحل، وهو ما يهدى إلى الكعبة من الأنعام ليذبح هنالك وهو من النسك.

و { ٱلْقَلاۤئِدَ }: جمع قلادة، وهي ما يعلق في العنق، وكانوا يقلدّون الإبل من الهدي بنعل أو حبل أو لحاء شجر أو غير ذلك، ليعرف فلا يتعرض له أحد، كما كانوا يتقلدون إذا أرادوا الحج أو عادوا منه ليأمنوا على أنفسهم.

و { يَجْرِمَنَّكُمْ }: من جرمه الشيء، أي حمله عليه وجعله يجرمه، أي يكسبه ويفعله، فهو ككسب يتعدى إلى مفعول وإلى مفعولين. وأصل الجرم قطع الثمرة عن الشجرة.

(والشنآن): البغض مطلقاً، أو الذي يصحبه التقزز من المبغوض، يقال شنأه (بوزن منع وسمع) شنأ (بتثليث الشين) وشنآنا (بفتح النون وسكونها) ومشنأ ومشنأة: أبغضه، وشنىء بالضم، فهو مشنوء، أي مبغض وإن كان جميلا، وضده المشنأ (كمقعد) وهو القبيح وإن كان محبباً، والشنوءة المتقزز والتقزز، وقال الراغب: شنئته: تقززته بغضاً له.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد