الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَا لَكُمْ فِي ٱلْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَٱللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوۤاْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً } * { وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَٰقٌ أَوْ جَآءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَٰتِلُوكُمْ أَوْ يُقَٰتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَٰتَلُوكُمْ فَإِنِ ٱعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَٰتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَمَ فَمَا جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً } * { سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوۤاْ إِلَى ٱلْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوۤاْ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَمَ وَيَكُفُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَـٰئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً }

ابتدأ هذه الآيات بالفاء لوصلها بما سبقها إذ السياق لا يزال جارياً في مجراه من أحكام القتال وذكر شؤون المنافقين والضعفاء فيه، ومن المنافقين من كان ينافق بإظهار الإسلام فتخونه أعماله كما تقدم، ومنهم من كان ينافق بإظهار الولاء للمؤمنين والنصر لهم وهم بعض المشركين (وكذا بعض أهل الكتاب) وهذه الآيات في المنافقين في إبان الحرب بإظهار الولاء والمودة أو الإيمان في غير دار الهجرة.

ورد في أسباب نزولها روايات متعارضة:

روى الشيخان وغيرهما عن زيد بن ثابت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد فرجع ناس كانوا خرجوا معه فكان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيهم فرقتين فرقة تقول نقتلهم وفرقة تقول لا فأنزل الله تعالى: { فَمَا لَكُمْ فِي ٱلْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ } وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن سعد بن معاذ قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال: " من لي بمن يؤذيني ويجمع في بيته من يؤذيني " فقال سعد بن معاذ: إن كان من الأوس قتلناه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا فأطعناك. فقام سعد بن عبادة فقال مالك يا ابن معاذ طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد عرفت ما هو منك، فقام أسيد بن خضير فقال إنك يا ابن عبادة منافق وتحب المنافقين، فقام محمد بن مسلمة فقال: اسكتوا أيها الناس فإن فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يأمرنا فننفذ أمره فأنزل الله تعالى: { فَمَا لَكُمْ فِي ٱلْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ } الآية.

وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن عوف أن قوماً من العرب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فأسلموا وأصابهم وباء المدينة وحماها فأركسوا وخرجوا من المدينة فاستقبلهم نفر من الصحابة فقالوا لهم ما لكم رجعتم؟ قالوا أصابنا وباء المدينة فقالوا: أما لكم في رسول الله أسوة حسنة؟، فقال بعضهم نافقوا وقال بعضهم لم ينافقوا. فأنزل الله الآية، وفي إسناده تدليس وانقطاع. اهـ.

من لباب النقول للسيوطي والمراد بالذي يؤذي النبي في حديث سعد بن معاذ هو عبد الله بن أبي رئيس المنافقين وما كان منه في قصة الإفك. وروي عن ابن عباس وقتادة إنها نزلت في قوم بمكة كانوا يظهرون الإسلام ويعينون المشركين على المسلمين. ورجحها بعضهم حتى على رواية الشيخين بذكر المهاجرة في الآية الثانية.

روى ابن جرير في التفسير عن ابن عباس بعد ذكر سنده من طريق محمد بن سعد: قوله: { فَمَا لَكُمْ فِي ٱلْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ } وذلك إن قوماً كانوا بمكة فقد تكلموا بالإسلام وكانوا يظاهرون المشركين فخرجوا من مكة يطلبون حاجة لهم فقالوا إن لقينا أصحاب محمد عليه السلام فليس علينا منهم بأس وإن المؤمنين لما أخبروا خرجوا من مكة يطلبون حاجة لهم قالت فئة من المؤمنين اركبوا إلى الخبثاء فاقتلوهم فإنهم يظاهرون عليكم عدوكم.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10