الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ) مصنف و مدقق


{ لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً } * { وَإِذَا حَضَرَ ٱلْقِسْمَةَ أُوْلُواْ ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينُ فَٱرْزُقُوهُمْ مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } * { وَلْيَخْشَ ٱلَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلْيَتَٰمَىٰ ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً }

المفردات: { وَلْيَخْشَ } أمر من الخشية وهي كما في المعاجم الخوف وقال الراغب هي خوف يشوبه تعظيم وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه ولذلك خص العلماء بها في قوله:إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ } [فاطر: 28].

وأقول: إن القيد الذي ذكره لا يظهر في كل الشواهد التي وردت من هذا الحرف في القرآن وكلام العرب فلم يكن عند عنترة خوف مشوب بتعظيم ولا علم فيما عبر عنه بقوله:
ولقد خشيت بأن أموت ولم تكن   للحرب دائرة على ابني ضمضم
فإن كان بين الخوف والخشية فرق فالأقرب عندي أن تكون الخشية هي الخوف في محل الأمل. ومن دقق النظر في الآيات التي ورد فيها حرف الخشية يجد هذا المعنى فيها، ولعل أصل الخشية من مادة خشت النخلة تخشو إذا جاء تمرها دقلاً (رديئاً) وهي مما يرجى منها الجيد. ولم يرد في الآية ذكر مفعول: " ليخش " فالظاهر أن المراد منه الأمر بالتلبس بالخشية كقوله:وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ * وَهُوَ يَخْشَىٰ } [عبس: 8-9] أو حذف المفعول لتذهب النفس في تصوره إلى كل ما يخشى في ذلك، وقال الراغب أي ليستشعروا خوفاً من معرته، وقال الأستاذ الإمام: ليخشوا الله.

{ قَوْلاً سَدِيداً } قال المفسرون السديد هو العدل والصواب. وهو لا يكون من المتدين إلا موافقاً لحكم الشرع. وقالوا سدّ قوله يسد " بكسر السين " إذا كان سديداً، وهو يسد في القول إسداداً: يصيب السداد " بالفتح " وهو القصد والصواب والإستقامة، والسداد " بكسر " البلغة وما يسد به الشيء كالثغر والقارورة. وقولهم " سداد من عوز " ورد بفتح السين وبكسرها وهو الأفصح. وإذا كان السديد مأخوذ من سد الثغر ونحوه فالقول السديد هو المحكم الذي تدرأ به المفسدة وتحفظ المصلحة كما أن سداد الثغر يمنع استطراق شيء منه يضر ما وراءه.

{ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } قرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم " وسيصلون " بضم الياء من الإصلاء، والباقون بفتحها من الصلى. يقال صلى اللحم صلياً " بوزن رماه رمياً " شواه. فإذا رماه في النار يريد إحراقه يقال: أصلاه إصلاء، وصلاّه تصلية، وجعل بعضهم معنى الثلاثي والرباعي واحداً كل منهما يستعمل في الشيء وفي الإلقاء لأجل الإحراق والإفساد. وصلى يده بالنار سخنها وأدفأها واصطلى استدفأ، وأصلاه النار وصلاه إياها أدخله إياها، وأصلاه فيها أدخله فيها، وصليت النار قاسيت حرها. والصلى - بالفتح والقصر - والصلاء - بالكسر والمد - الوقود. ويطلق الصلاء على الشواء أي ما يشوى، قال السيد الألوسي وقال بعض المحققين إن أصل الصلى القرب من النار وقد استعمل هنا في الدخول مجازا - اهـ.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7