الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير المنار / محمد رشيد بن علي رضا (ت 1354هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً } * { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }

هاتان الآيتان هما أساس الحكومة الإسلامية ولو لم ينزل في القرآن غيرهما لكفتا المسلمين في ذلك إذا هم بنوا جميع الأحكام عليهما وقد ذكروا لنزولهما أسباباً وصرحوا بأن السبب الخاص لا يخصص عموم الخطاب.

قال في لباب النقول أخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال " لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة دعا عثمان بن طلحة فلما أتاه قال أرني المفتاح (أي مفتاح الكعبة) فلما بسط يده إليه قام العباس فقال يا رسول الله بأبي أنت وأمي أجمعه لي مع السقاية فكف عثمان يده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هات المفتاح يا عثمان فقال هاك أمانة الله فقام ففتح الكعبة ثم خرج فطاف بالبيت ثم نزل عليه جبريل برد المفتاح فدعا عثمان بن طلحة فأعطاه المفتاح ثم قال { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا } " حتى فرغ من الآية.

وأخرج شعبة في تفسيره عن حجاج عن ابن جريج قال نزلت هذه الآية في عثمان ابن طلحة أخذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة فدخل به البيت يوم الفتح فخرج وهو يتلو هذه الآية فدعا عثمان فناوله المفتاح. قال وقال عمر بن الخطاب ما سمعته يتلوها قبل ذلك، قلت ظاهر هذا أنها نزلت في جوف الكعبة. اهـ.

أقول بل الظاهر أنها نزلت قبل فتح مكة وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تلاها يومئذ استشهاداً وإن لم يتذكر عمر أنه سمعها قبل ذلك إن صحت الرواية وصح أن عمر قال ذلك فقد صح عنده أنه ذهل عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم عما ورد في ذكر موته حتى قرأ أبو بكروَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ } [آل عمران: 144] الآية فتذكر. وذهل عن آيةوَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً } [النساء: 20] حتى ذكرته بها المرأة التي راجعته في مسألة تحديد المهور كما تقدم في أوائل هذه السورة وكل أحد عرضة للنسيان والذهول.

والرواية عن ابن عباس لا تصح وإن اعتمدها الجلال فقد ذكرنا من قبل أن المحدثين قالوا إن أوهى طرق التفسير عن ابن عباس هي طريق الكلبي عن أبي صالح قالوا فإن انضم إليها مروان الصغير فهي سلسلة الكذب. وأما رواية شعبة عن حجاج فإن كان حجاج هذا هو المصيصي الأعور فقد كان ثقة ولكنه تغير في آخر عمره وهو ممن روى عن شعبة وابن جريج ولم يذكروا أن شعبة روى عنه ولكن شعبة روى عن حجاج الأسلمي وهو مجهول كما قال أبو حاتم.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد